فإن قال قائل: فإن كانت تلك معلولة فلها أيضا إضافة أخرى و تذهب إلى
غير النهاية، فإنا نكلّفه أن يتأمل ما حققناه فى باب المضاف من هذا الفن، حيث
أردنا أن نبين أن الإضافة تتناهى و فى ذلك انحلال شكه.
و نعود فنقول: إن الأول لا ماهية له غير الإنية و قد عرفت معنى
الماهية، و بماذا تفارق الإنية فيما [1] تفارقه فى افتتاح تبياننا هذا.
فنقول: إن واجب الوجود لا يصح أن يكون له ماهية يلزمها وجوب الوجود،
بل نقول من رأس: إن واجب الوجود قد يعقل نفس واجب الوجود، كالواحد قد يعقل نفس
الواحد، و قد يعقل من ذلك أن ماهيته [2] هى مثلا إنسان أو جوهر آخر من الجواهر، و ذلك الإنسان [3] هو الذى هو واجب الوجود، كما أنه قد
يعقل من الواحد أنه ماء أو هواء أو إنسان و هو واحد.
و قد يتأمل فيعلم ذلك مما وقع فيه الاختلاف فى أن المبدأ فى
الطبيعيات واحد أو كثير. فبعضهم جعل المبدأ واحدا، و بعضهم جعله كثيرا. و الذى
جعله منهم واحدا: فمنهم من جعل المبدأ الأول لا ذات الواحد، بل شيئا هو الواحد،
مثل ماء أو هواء أو نار أو غير ذلك. و منهم من جعل المبدأ ذات الواحد من حيث هو
واحد، لا شىء عرض له الواحد، ففرق اذا بين ماهية يعرض لها الواحد و الموجود، و
بين الواحد و الموجود من حيث هو واحد و موجود.
فنقول: إن واجب الوجود لا يجوز أن يكون على الصفة التى فيها تركيب