حتى يكون هناك ماهية ما، و تكون تلك الماهية واجبة الوجود، فيكون
لتلك الماهية معنى غير حقيقتها و ذلك المعنى وجوب الوجود، مثلا إن كانت تلك
الماهية أنه إنسان، فيكون أنه إنسان [1] غير أنه واجب الوجود، فحينئذ لا يخلو إما أن يكون لقولنا وجوب
الوجود هناك حقيقة [2] أو لا يكون، و محال أن لا يكون لهذا
المعنى حقيقة، و هى مبدأ كل حقيقة، بل هى تؤكد الحقيقة و تصححها.
فإن كان له حقيقة و هى غير تلك الماهية فإن كان ذلك الوجوب من الوجود
يلزمه أن يتعلق بتلك الماهية و لا يجب دونها فيكون معنى واجب الوجود من حيث هو
واجب الوجود يوجد بشىء ليس هو، فلا يكون واجب الوجود من حيث هو واجب الوجود، و
بالنظر إلى ذاته من حيث هو واجب الوجود ليس بواجب الوجود
[3]، لأن له شيئا به يجب، و هذا محال إذا أخذ مطلقا [4] غير مقيد بالوجود الصرف الذى يلحق
الماهية، و إذا
[3] - متعلق بقوله: «فيكون واجب الوجود» أعني أنّ جملة «ليس بواجب
الوجود» خبر لقوله: «فيكون». و في بعض النسخ المخطوطة عندنا: «فلا يكون واجب
الوجود» و لكن العبارة محرّفة بلا كلام.
[4] - ضمير «إذا أخذ» في كلا الموضعين راجع إلى «ذلك الوجوب» في
قوله: فإن كان ذلك الوجوب من الوجود يلزمه ...». ثم إن قوله: «لا حقا» في قبال
قوله: «مطلقا» يعني أنّ وجوب الوجود إذا أخذ مطلقا من غير أن يقيّد ذلك الوجوب
بالوجود الصرف الذي يلحق الماهية كان محالا أن يتّصف الماهية بوجوب الوجود، لأنّها
غير الوجود و لا واسطة حينئذ لا تّصافها بالوجوب لأنّ واسطة اتّصافها بالوجوب هو
الوجود فكيف تتّصف الماهية بالوجوب إذا أخذ الوجوب غير مقيد بالوجود. و إذا أخذ
وجوب الوجود لا حقا أي مقيدا-