فأما الأول فإذا وجدوا الموضوع لم يتحرك إليه ألبتة و لم يتغير فى
قبول الشىء فإنهم حينئذ لا يقولون إنه كان عنه، بل إنما يقولون دائما إنه كان عن
العدم، كما يقولون عن غير الكاتب [1]. و إذا تغير و خصوصا فيما لا يجدون للعدم فيه اسما فيقولون: كان عن
الموضوع.
و أما النسبة إلى [2] الموضوع فإنما يستعمل فى الأكثر إذا كان الموضوع قد يصلح غيره
للصورة. و أما الصورة فلا ينسب إليها و لا يقال كان منها، إنما يشتق منها الاسم [3]، و الموضوع قد يكون مشتركا للكل و قد يكون
مشتركا لعدة أمور، مثل العصير للخل و الخمر و الطلاء و الرّبوب [4] و غير ذلك.
و كل عنصر فإنه من حيث هو عنصر أنما له القبول فقط، و أما حصول
الصورة فله من غيره، و ما كان من العناصر و القوابل مبدأ الحركة إلى الأثر موجودا
فى نفسه ظن أنه متحرك إليه بنفسه، و ليس كذلك. فقد تبين لنا فى مواضع أخرى أنه لا
يجوز أن يكون شىء واحد فاعلا و قابلا لشىء واحد من غير أن يتجزّأ ذاته، لكن
العنصر إذا كان مبدأ حركته فيه بذاته كان متحركا عن الطبيعة، و كان ما يكون منه
طبيعيا، و إذا كان مبدأ الحركة فيه من خارج و لم يكن له أن يتحرك إلى ذلك الكمال
بنفسه [5] كان ما يكون منه صناعيا أو جاريا
مجراه، فهذا جمل ما نقوله فى العنصر.