نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 86
و منها ما لا يمكن ذلك فيها. فالأوّل هو صور العناصر فإنّ صورتها
الجسميّة قد تعدم [1]
عن موادّها؛ فإنّا بيّنّا أنّ الجسم إذا انفصل فإنّه يعدم تلك الجسميّة الّتى كانت
موجودة قبل ذلك الانفصال و حدثت فيها جسميّتان أخريان. و أمّا إمكان عدم صورها
النّوعيّة فقد ثبت ذلك بالأدلّة الدّالّة على صحّة الكون و الفساد. و أمّا الثّانى
فهو صور الأفلاك فإنّ صورها الجسميّة و صورها النّوعيّة لا تعدم و لا تحصل في
موادّها صور أخر غيرها. و المقصود من هذا الفصل بيان أنّ
[2] القسم الأوّل من الصّور يمتنع أن يكون عللا مطلقة، أو وسائط و آلات
مطلقة في وجود الهيولى.
و الحجّة على ذلك أنّ وجود المعلول متعلّق بوجود العلّة المؤثّرة و
بوجود الواسطة المطلقة.
و ما كان كذلك فإنّه يجب عدمه عند عدم العلّة أو الواسطة [3]. لكنّ الهيولى لا تعدم عند عدم هذه
الصّور [4] المتزائلة
[5]. فتلك الصّور لا تكون عللا و لا وسائط مطلقة في وجود الهيولى.
و أمّا قوله: «بل لا بدّ في [6] أمثال هذه من أن يكون على أحد
القسمين الباقيين»
؛ فمعناه أنّ الأقسام الّتى عدّها قبل هذا الفصل لمّا كانت أربعة:
أحدها؛ أن تكون الصّورة علّة مطلقة، و ثانيها؛ أن تكون واسطة أو آلة مطلقة، و
ثالثها؛ أن تكون شريكة لشىء، و رابعها؛ أن يكون هناك سبب خارج عنها يقيم كلّ واحد
منهما مع الآخر و بالآخر [7]. فإذا أبطل في الصّورة الّتى يمكن زوالها عن المادّة أن تكون على
أحد القسمين الأوّلين، لم يبق إلّا أن يكون على أحد القسمين الباقيين.
[الفصل الحادى و العشرون [أنّ الصّورة الجرميّة و ما يصحبها من
الصّور النّوعيّة، سواء كانت ممكنة الزّوال كما في العناصر أو ممتنعة الزّوال كما
في الأفلاك، ليس شىء منها سببا لقوام الهيولى مطلقا]]
إشارة: يجب أن يعلم في الجملة أنّ الصّورة الجرميّة و ما يصحبها
ليس شىء منها سببا لقوام الهيولى مطلقا؛ و لو كانت سببا لقوامها مطلقا لسبقتها
بالوجود. و لكانت [8]
الأشياء، الّتى هى علل لماهيّة الصّورة و لكونها موجودة محصّلة الوجود، سابقة [9] أيضا للهيولى بالوجود؛ حتّى يكون
بعد ذلك [10]