نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 601
لمّا عرج به و وصل إلى ما وصل إليه من المقامات السنيّة و الدّرجات
الرّفيعة أوحى اللّه تعالى إليه و قال: بم [1] أشرّفك؟ فقال عليه السلام: أريد أن تشرّفنى بأن تنسبنى إلى نفسك.
فنزل: «سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا[2]»
[3].
و أمّا قوله: «لا لرغبة أو رهبة [4]، و إن كانتا فيكون المرغوب فيه أو [5] المرهوب عنه هو الدّاعى، و فيه
المطلوب»
إلى آخره [6]؛
فالمراد منه أنّ الغرض من العبادة لو كان هو الوصول إلى الثّواب أو الهرب من
العقاب، لكان [7] المقصود بل المعبود [8] بالذّات هو
[9] الثّواب و العقاب. و يكون كون اللّه تعالى معبودا داخلا في الغرض لا
بالذّات، بل بالعرض. و قوله: «لا لرغبة أو رهبة
[10]»؛ لا بدّ من تقييده [11] بالرّغبة في الثّواب و الرّهبة عن العقاب، و إلّا فحصول النّسبة
إليه غرض؛ فكيف يقال [12]
مع ذلك: أنّه لا غرض له في [13] ذلك الفعل؟
[الفصل السادس [فى بيان أنّ غير العارف يجعل الحقّ واسطة في تحصيل
شىء آخر، و هو من يعبد الحقّ رغبة في الثّواب أو رهبة من العقاب لأنّه ناقص
الذّات لم يطعم لذّة البهجة بالحقّ تعالى]]
إشارة: المستحلّ توسيط [14] الحقّ مرحوم من وجه، فإنّه لم يطعم لذّة البهجة به فيستطعمها،
إنّما معارفته مع اللّذّات المخدجة، فهو حنون إليها غافل عمّا وراءها. و ما مثله
بالقياس إلى العارفين إلّا مثل الصّبيان بالقياس إلى المحنّكين، فإنّهم لمّا غفلوا
عن طيّبات يحرص عليها البالغون و اقتصرت بهم المباشرة على طيّبات اللّعب، صاروا
يتعجّبون من أهل الجدّ إذا ازورّوا عنها، عائفين لها، عاكفين على غيرها. كذلك من
غضّ النّقص بصره عن مطالعة بهجة الحقّ أعلق كفّيه
[15] بما يليه من اللّذّات، لذّات
[16] الزّور. فتركها في دنياه عن كره، و ما تركها إلّا ليستأجل
أضعافها. و إنّما يعبد اللّه و يطيعه [17] ليخوّله [18] فى الآخرة شبعه [19] منها، فيبعث [20] إلى مطعم شهىّ، و مشرب هنىء، و منكح بهىّ
[21]، إذا بعثر عنه فلا مطمح