نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 6
و اعلم أنّ الّذى قلناه [1] فى تعريف الجسم الطّبيعى: «أنّه الجوهر الّذى يمكن أن تفرض فيه
أبعاد ثلاثة» [2] رسم، لا حدّ؛ لأنّا بيّنّا في سائر
كتبنا أنّ قول الجوهر على ما تحته قول اللّوازم، لا قول الأجناس.
و بتقدير كون الجوهر جنسا، فإمكان فرض الأبعاد الثّلاثة فيه لا يمكن
أن يكون جزءا مقوّما لماهيّة الجسم من وجهين:
الأوّل؛ أنّ قابليّة الشّىء للشّىء ليست أمرا وجوديّا؛ إذ [3] لو كانت أمرا وجوديّا لكانت لا تخلو [4] إمّا أن تكون جوهرا أو عرضا. فإن كانت
جوهرا كانت قابليّة المحلّ للحالّ [5] جوهرا مباينا عن المحلّ و الحالّ. و ذلك محال؛ لأنّ قابليّة المحلّ
للحالّ نسبة مخصوصة للمحلّ إلى الحالّ، و نسبة الشّىء إلى الشّىء تستحيل [6] أن تكون مباينة عن كلّ واحد [7] من الشّيئين. و إن كانت عرضا كان
المحلّ قابلا لتلك القابليّة، فتكون قابليّتها لتلك القابليّة عرضا آخر، و يلزم
التّسلسل.
الثّانى؛ أنّ قابليّة الشّىء لشىء آخر نسبة لذات القابل إلى ذات
المقبول، و انتساب الشّىء إلى شىء آخر [8] متأخّر عن ذات كلّ واحد من المنتسبين. فإذن قابليّة الجسم للأبعاد
الثّلاثة متأخّرة عن ذات الجسم، و ذات كلّ شىء متأخّرة عن مقوّماته، فلو كانت
قابليّة الجسم للأبعاد من مقوّمات الجسم لزم تأخّر هذه القابليّة عن نفسها
بمرتبتين، و ذلك محال. فثبت أنّ هذه القابليّة بتقدير أن تكون صفة ثبوتيّة لا يجوز
أن تكون جزءا [9] من ماهيّة الجسم، فظهر بهذا فساد ما
يجرى [10] فى الكتب من أنّ الجسميّة عبارة عن
نفس هذه القابليّة.
البحث الثّانى: فى إبطال الجزء الّذى لا يتجزّأ
لمّا عرفت أنّ الجسم يقال بالاشتراك على أمرين: أحدهما جوهر، و الآخر
عرض؛ فاعلم أنّ المقصود من هذا الفصل بيان أنّ الجسم بالمعنى الأوّل غير مركّب من
أجزاء لا تتجزّأ. و لا بدّ أوّلا [11] من تفصيل [12] المذاهب، فنقول: الجسم قد يكون مركّبا إمّا من أجسام مختلفة الصّور
مثل بدن الحيوان،