نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 592
من القيام و الصّيام و نحوهما يخصّ باسم العابد. و المنصرف [1] بفكره إلى قدس الجبروت مستديما
لشروق نور الحقّ في سرّه يخصّ باسم العارف. و قد يتركّب
[2] بعض هذه مع بعض.
التّفسير: للسّعداء أحوال ثلاثة: فأوّلها
[3] الرّجوع عمّا سوى اللّه تعالى و هو الزّهد
[4]؛ و أوسطها الذّهاب إلى اللّه و هو العبادة؛ و آخرها الوصول إلى
اللّه و هو المعرفة. هذا هو التّحقيق، و يتبيّن
[5] عند ذلك أنّ المراتب لا تزداد على هذه الثّلاثة. و أمّا في العرف
فالزّاهد هو المعرض عن متاع الدّنيا و طيّباتها، و العابد هو المواظب على العبادات
من القيام و الصّيام، و العارف هو المستغرق في محبّة اللّه تعالى و معرفته.
المسئلة الثّالثة فى غرض العارف و غيره[6] من الزّهد و العبادة
فصل واحد.
[الفصل الثّالث [فى بيان غرض العارف و غيره من الزّهد و العبادة،
و أنّ الزّهد عند العارف تنزّه و عند غيره معاملة، و العبادة عند العارف رياضة و
عند غيره معاملة]]
تنبيه: الزّهد عند غير العارف معاملة ما، كأنّه يشترى بمتاع
الدّنيا متاع الآخرة. و عند العارف تنزّه ما عمّا يشغل سرّه عن الحقّ، و تكبّر على
كلّ شىء غير الحقّ.
و العبادة عند غير العارف معاملة ما كأنّه يعمل في الدّنيا لأجرة
يأخذها في الآخرة؛ هى الأجر و الثّواب. و عند العارف رياضة ما لهممه و قوى نفسه
المتوهّمة و المتخيّلة ليجرّها [7] بالتّعويد [8] عن جناب الغرور إلى جناب الحقّ، فتصير مسالمة للسّرّ الباطن حينما
يستجلى الحقّ لا تنازعه. فليخلص [9] السرّ إلى الشّروق [10] الساطع، و يصير ذلك ملكة مستقرّة، كلّما شاء السرّ أطلع إلى نور
الحقّ [11] غير مزاحم من الهمم. بل مع تشييع
منها له، فيكون بكلّيّته منخرطا في سلك القدس.
التّفسير: الغرض من هذا الفصل بيان غرض غير العارف من الزّهد و
العبادة، و بيان غرض