نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 545
و اعلم أنّ من النّاس من نازع في قولهم: العلم بالجزئيّات يجب تغيّره
عند تغيّرها. و هذه المنازعة ضعيفة، و الأولى أن نساعد
[1] على وجوب التّغيّر. لكن يزعم
[2] أنّ العلم ليس إلّا إضافة مخصوصة
[3]، و إذا جاز التّغيّر في الإضافات العارضة لذات اللّه تعالى فلم لا
يجوز أيضا [4] تغيّره في هذه الإضافة؟ و تحقيقه و هو
أنّ [5] ذاته تعالى موجبة لحصول تلك الإضافة [6] المسمّاة بالعلم، لكن بشرط [7] حصول ذلك
[8] المعلوم. فالعلم بأنّ زيدا دخل الدّار يوجبه
[9] ذات اللّه تعالى لنفسه [10] لكن بشرط أن يدخل زيد الدّار، فإذا خرج عنها فقد زال الشّرط فيزول
المشروط و هو ذلك العلم، و يحدث [11] شرط علم آخر و هو العلم بخروجه، فلا جرم يحصل العلم الآخر [12]. و ما ذكره الفلاسفة فى استحالة
التّغيّر على هذا الوجه قد ذكرناه [13] فى سائر الكتب و اعترضنا عليه. و إذا كان كذلك سقطت حجّتهم على القدح
في علمه [14] تعالى بالجزئيّات.
نكتة: كونك يمينا و شمالا إضافة محضة، و كونك عالما و قادرا هو
كونك في حالة متقرّرة في نفسك تتبعها إضافة لا زمة أو لا حقة، فأنت بهما ذو حال
مضافة لا ذو إضافة محضة.
التّفسير: لمّا ذكر الأقسام الثّلاثة للصّفات الحقيقيّة في الفصل
المتقدّم، ذكر ههنا الصّفات الّتى هى مجرّد الإضافات
[15] فقط مثل كون الشّىء يمينا و شمالا. فزعم أنّ هذه الأمور مجرّد
إضافات، و [16] أمّا كونه عالما و قادرا فهى صفات
تتبعها إضافات.
و اعلم أنّ كثيرا من المتكلّمين المحقّقين نازعوا في ذلك، و زعموا
أنّ العلم ليس إلّا مجرّد النّسبة المخصوصة [17]. فأمّا أن يقال: العلم صفة حقيقيّة تعرض لها هذه النّسبة فكلّا. و
الشّيخ [18] ما أقام على صحّة دعواه برهانا و لا
بدّ منه.