نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 536
بذلك المعلول [1]؟ و ظاهر أنّ هذه المقدّمة ليست بديهيّة، بل لا بدّ فيها من الدّلالة
و أنتم ما ذكرتم الدّلالة عليها. و أمّا الثّانى فباطل، لأنّ علمه تعالى بأنّ
ذاته [2] علّة للشّىء الفلانى علم بإضافة
مخصوصة بين ذاته و بين ذلك الشّىء. و العلم بإضافة أمر إلى أمر [3] مسبوق بالعلم بكلّ [4] واحد من المضافين.
فلو [5] كان العلم بذلك المعلول [6] مستفادا من العلم بتلك الإضافة [7] لزم الدّور؛ و أنّه محال.
[الفصل السادس عشر [فى بيان مراتب العلوم]]
إشارة: إدراك الأوّل للأشياء من ذاته في ذاته هو أفضل أنحاء كون
الشّىء مدركا و مدركا. و يتلوه إدراك الجواهر العقليّة للأوّل بإشراق الأوّل، و
لما بعده منه [8] من
[9] ذاته. و بعدهما الإدراكات النّفسانيّة الّتى هى نقش و رسم عن
طابع [10] عقلىّ متبدّد المبادىء و المناسب.
التّفسير: مراتب العلوم ثلاثة:
فالمرتبة الأولى علم اللّه تعالى بذاته و علمه بغيره [11]، و هو أشرف العلوم. و علمه بذاته علّة
لعلمه بما بعده [12] و
[13] على ما مرّ تقريره.
المرتبة الثّانية علم العقول بعللها و معلولاتها. أمّا علمها بعللها [14] فليس ذلك لها
[15] من ذواتها بل من عللها [16]، لأنّ الفلاسفة زعموا أنّ العلم بالعلّة يوجب العلم بالمعلول. و
أمّا العلم بالمعلول فإنّه لا يوجب العلم بالعلّة. فلأجل القضيّة الأولى قالوا:
إنّ علم البارى تعالى بذاته علّة لعلمه بغيره، لأنّ ذاته تعالى علّة لغيره [17]، و العلم بالعلّة يوجب العلم
بالمعلول. و لأجل القضيّة الثّانية قالوا: إنّ علم العقول
[18] بعللها غير لازم لها لذواتها [19]، بل فائض عليها من عللها.
و بيان هذا الفرق على قانون قولهم
[20]: إنّ العلّة لذاتها المخصوصة موجبة للمعلول المخصوص، فلا جرم متى
عرفت العلّة نفسها لزم من علمها بذاتها المخصوصة علمها بذلك المعلول.