نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 518
فكيف حصل في زمان اختلالها؟ فعلمنا أنّ هذا الإشكال مشترك، ثمّ [1] الجواب عنه على القولين واحد، و هو
أنّ زمان الكهولة زمان حصلت [2] العلوم الكثيرة للقوّة العاقلة، و القوّة العاقلة باقية على كمال
قوّتها، فتستعين القوّة [3]
العاقلة بتلك العلوم، فلا جرم صارت في هذه الحالة أكمل و أكثر علما.
[الفصل الثّالث [دليل آخر على استغناء النّفس عن البدن بأنّها لا
تكلّ عند كثرة التّعقّلات، و إدراكها للمعقولات القويّة لا يمنعها عن إدراك
المعقولات الضّعيفة]]
زيادة تبصرة: تأمّل أيضا أنّ القوى
[4] القائمة بالأبدان يكلّها تكرّر الأفاعيل، لا سيّما القوية، و
خصوصا إذا انبعث فعلا، فعلا [5] على الفور. و كان الضّعيف في مثل تلك الحال غير مشعور به كالرائحة
الضّعيفة إثر القويّة. و أفعال القوّة العاقلة قد يكون كثيرا بخلاف ما وصف.
التّفسير: هذه حجّة أخرى على أنّ القوّة العاقلة في ذاتها و في
تعقّلاتها غنيّة عن البدن. و تقريرها أنّ القوى البدنيّة لها خاصيّتان: إحداهما،
أنّها تكلّ بتكرّر [6] الأفعال القويّة لا سيّما إذا فعلت
فعلا بعد فعل على الفور، و ذلك معلوم بالاستقراء. و ثانيتهما
[7]؛ القوى المدركة البدنيّة [8] لا يشعر بالمدرك الضّعيف حال شعورها بالمدرك القوىّ. فإنّ الباصرة
لا تدرك الشّعلة في مقابلة قرص الشّمس، و السامعة لا تسمع الصّوت الضّعيف عند سماع
الرّعد و البوقات، و كذا القول في سائر الحواسّ.
و إذا ثبت ذلك فنقول: إنّا نرى أحوال القوّة العاقلة بخلاف سائر
القوى في هذين الأمرين، فإنّها لا تكلّ عند كثرة التّعقّلات؛ بل كأنّها كلّما عقلت
أكثر، كانت قوّتها على تحصيل سائر المعقولات أتمّ
[9]؛ و إدراكها للمعقولات القويّة لا يمنعها عن
[10] إدراك [11]
المعقولات الضّعيفة. فعلمنا أنّ القوّة العاقلة غير جسمانيّة.
و لقائل أن يقول: القوّة العاقلة مخالفة بالنّوع لسائر القوى، فلم لا
يجوز اختصاص أحد النّوعين بخاصيّات [12] لا توجد في سائر الأنواع؟ و إن كانت هذه القوى بأسرها مع اختلافها
مشتركة