نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 504
مبدءا للكائن المناسب للمادّة»
؛ فاعلم أنّه لم يذكر على هذه المقدّمة دلالة. و الّذى عوّل عليه في
سائر كتبه هو [1] أنّ
[2] الأشرف يتبع الأشرف [3]، مع أنّه هو الّذى قال في كتاب البرهان من
[4] الشّفاء: إذا رأيت الرّجل العلمىّ
[5] يقول: هذا شريف و هذا خسيس؛ فاعلم أنّه قد خلّط [6]. فليت شعرى كيف استجاز استعمال هذه
المقدّمة الخطابيّة في هذه [7] المباحث العلميّة؟
و أمّا قوله: «و يجوز أن يكون للآخر
تفصيل أيضا إلى أمرين بهما يصير سببا لصورة و مادّة جسميّتين [8]»
؛ فاعلم أنّه لم يذكر في العقل الأوّل إلّا من حيث أنّه ممكن بذاته [9] واجب بغيره
[10]، ثمّ جعل الوجوب بالغير علّة للعقل الثّانى
[11]. فبقى أن يجعل الإمكان علّة للفلك، لكنّ الفلك مركّب من الهيولى و
الصّورة و هما موجودان، فلا بدّ و أن يكون في العقل الأوّل بسببهما جهتان. ثمّ
إنّه لم يذكر [12] ههنا على التّفصيل و ذكره في سائر كتبه:
أنّ [13] كونه ممكنا لذاته [14] علّة لهيولى الفلك، و كونه موجودا
علّة لصورته، و أمّا وجوبه بغيره فهو العلّة
[15] للعقل الثّانى؛ و يسمّون هذه الاعتبارات الثّلاثة بالتّثليث.
[الفصل الأربعون [فى دفع ما أورد على ترتيب العقول و الأفلاك
بأنّه لمّا جعلتم إمكان العقل الأوّل و وجوده سببا لصدور فلك و عقل عنه، فهذا
الإمكان و الوجود حاصل في كلّ عقل، فوجب أن يصدر عن كلّ عقل عقل و فلك لا إلى
نهاية]]
وهم و تنبيه: و ليس إذا قلنا: إنّ الاختلاف لا يكون إلّا عن
اختلاف [16] يجب أن يصحّ عكسه، حتّى يكون
الاختلاف الّذى في ذات كلّ عقل يوجب وجود مختلف، و يتسلسل إلى غير النّهاية؛ فإنّك
تعلم أنّ الموجب [17] لا ينعكس كلّيّا.
التّفسير: من النّاس من أورد على التّرتيب المذكور سؤالا، و هو أنّكم
لمّا جعلتم إمكان العقل الأوّل و وجوده سببا لصدور فلك و عقل [18] عنه، فهذا الإمكان و الوجود حاصل في
العقل الأخير، فوجب أن يصدر عنه أيضا عقل آخر و فلك آخر، و هلّم جرّا إلى ما لا
نهاية له؟ فأجاب [19] عنه: بأنّا إذا
[20] قلنا: المعلولان المختلفان [21] لا بدّ و أن ينسبا [22] إلى هذين الاعتبارين في العلّة، و الموجبة الكلّيّة