نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 401
[الفصل الخامس [فى بيان ماهيّة الزّمان]]
إشارة: و لأنّ التّجدّد لا يمكن إلّا مع تغيّر حال [1]، و تغيّر الحال لا يمكن إلّا لذى
قوّة تغيّر حال، أعنى الموضوع؛ فهذا الاتّصال إذن متعلّق بحركة و متحرّك أعنى
بتغيّر و متغيّر، لا سيّما ما [2] يمكن فيه [3] أن يتّصل و لا ينقطع و هى الوضعيّة الدّوريّة. و هذا الاتّصال
يحتمل التّقدير، فإنّ قبلا قد يكون أبعد، و قبلا قد يكون أقرب، فهو كمّ مقدّر
للتّغيّر [4]. و هذا هو الزّمان و هو [5] كميّة الحركة، لا من جهة المسافة،
بل من جهة التّقدّم و التّأخّر اللّذين لا يجتمعان.
التّفسير: لمّا أثبت [6] أنّ كلّ حادث فهو مسبوق بالزّمان، و أثبت
[7] أنّه لا يجوز أن يكون الزّمان
[8] مؤلّفا من أمور غير منقسمة، أراد في هذا الفصل [9] أن يتكلّم في
[10] ماهيّته و أن يبيّن أنّه مقدار الحركة؛ لأنّه متى ثبت له ذلك، لزم
من قدم الزّمان قدم الحركة. و يلزم من قدم الحركة قدم الجسم. و بيان أنّ الزّمان
هو [11] مقدار الحركة مبنىّ على أمرين:
أحدهما؛ أنّ الزّمان مفتقر إلى الحركة و المادّة. و ثانيهما
[12]؛ أنّه مقدار. [13]
أمّا الأوّل فالدّليل عليه أنّا
[14] أنّما أثبتنا الزّمان؛ لأنّه لمّا كان عدم الحادث كان [15] قبل وجوده
[16]، و كانت هذه القبليّة و البعديّة أمورا وجوديّة، لا جرم افتقرنا إلى
إثبات شىء يلحقه لذاته هذه [17] القبليّات و البعديّات. و [18] إذا كان كذلك، كان الّذى هو قبل لذاته لا يبقى مع ما هو بعد لذاته،
و لذلك فإنّ شيئا من أجزاء الزّمان لا يستقرّ و لا يبقى مع الجزء الآخر. و إذا كان
كذلك، كانت أجزاء الزّمان متجدّدة متغيّرة. و كلّ متجدّد فلا بدّ له من مادّة، أى
لا بدّ له [19] من شىء يوجد فيه قوّة [20] ذلك التّغيّر، أى إمكان وجود ذلك
التّغيّر، على ما سيأتى بيانه في الفصل الّذى يأتى بعد هذا الفصل.
ثمّ إنّ حصول الزّمان [21] فى المادّة ليس إلّا بواسطة [22] الحركة، لأنّ القبليّة و البعديّة لا يحصلان إلّا عند حصول
التّغيّر، فإنّ الشّىء الواحد يستحيل أن يكون قبل نفسه
[23]. فظهر أنّ الزّمان متعلّق