نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 38
بين المتباينين من الاتّصال الرّافع للاثنينيّة الانفكاكيّة ما
يصحّ بين المتّصلين. و يصحّ بين المتّصلين من الانفكاك الرّافع للاتّحاد الاتّصالى
ما يصحّ بين المتباينين. أللّهم إلّا من عائق مانع خارج من طبيعة الامتداد لازم أو
زائل. و لعلّ هذا العائق إذا كان [1] لازما طبيعيّا كان لا اثنينيّة بالفعل، و لا فصل بين أشخاص نوع
تلك الطّبيعة، بل يكون نوعه في شخصه.
التّفسير: قد بيّنّا أنّ مدار الحجّة المذكورة على إثبات [2] الهيولى على أنّ الجسم الّذى يكون في
نفسه متّصلا قد ينفصل. و حاصل الشّكّ المذكور في هذا الفصل يرجع إلى النّزاع في
هذه المقدّمة، و بيانه و هو أنّا إنّما بيّنّا أنّ الجسم شىء واحد في نفسه بأن
أبطلنا كونه مؤلّفا من أجزاء لا يتجزّى، سواء كانت متناهية أو غير متناهية. و
إنّما أبطلنا [3] ذلك بأن قلنا: الجزء المتوسّط بين
جزئين لا بدّ و أن يكون الجانب الّذى [4] يلاقى ما على يمينه غير الجانب الّذى يلاقى ما على يساره، و ذلك
يقتضى كون الجزء منقسما. و معلوم أنّ هذه الحجّة لا تفيد إلّا كون الجسم قابلا
للانقسام الوهمىّ أبدا، و ليس كلّ ما كان قابلا للانقسام الوهمىّ [5] يجب أن
[6] يكون قابلا للانقسام الانفكاكىّ. و إذا كان كذلك فمن المحتمل أن
يقال: الأجسام المحسوسة مؤلّفة من أجزاء كلّ واحد منها غير قابل للانفصال، و إن
كان قابلا للقسمة الوهميّة. فالحاصل أنّ الجسم الّذى يعرض له الانفصال ليس بمتّصل [7] فى الحقيقة
[8]، بل اتّصاله عبارة عن اجتماع الأجزاء، و انفصاله عبارة عن تفرّقها.
و الجسم الّذى هو متّصل في الحقيقة، و هو كلّ واحد من تلك الأجزاء الصّغيرة، لا
يعرض له الانفصال. و على هذا تسقط الحجّة المذكورة فى إثبات الهيولى. و هذا الّذى [9] ذكرناه في تقرير هذا السؤال هو مذهب
ذيمقراطيس، فإنّه ذهب إلى أنّ الأجسام القابلة للانفصال متألّفة من أجزاء كريّة [10] الشّكل غير قابلة للانفكاك، و إن كانت
قابلة للقسمة الوهميّة إلى غير النّهاية.
و الجواب عنه: أنّه لمّا ثبت أنّ الجسم قابلا للانقسامات الوهميّة
إلى غير النّهاية، وجب أن يكون قابلا للانقسامات الانفكاكيّة أيضا إلى غير
النّهاية؛ لأنّ تلك الأجزاء بأسرها متساوية في