فهذه هى المطالب الكلّيّة، و أكثرها ممّا لا يتأتّى إلّا بفصول [2]، و سنأتى
[3] على شرح كلّ واحد منها و كيفيّة ارتباط بعضها بالبعض [4] إن شاء اللّه تعالى.
المسئلة الأولى فى الرّدّ على من زعم أنّ مالا يكون محسوسا لا يكون
معلوما]
الفصل الأوّل [فى بيان فساد القول بانحصار الموجود في المحسوس]]
تنبيه: إنّه قد يغلب على أوهام النّاس أنّ الموجود هو المحسوس، و
أنّ ما لا يناله الحسّ بجوهره ففرض وجوده محال، و أنّ مالا يتخصّص بمكان أو وضع [6] بذاته كالجسم أو بسبب ما هو فيه
كأحوال الجسم، فلا حظّ له من الوجود.
و أنت يتأتّى لك أن تتأمّل نفس المحسوس، فتعلم منه بطلان قول
هؤلاء. لأنّك و من يستحقّ أن يخاطب تعلمان أنّ هذه المحسوسات قد يقع عليها اسم
واحد، لا على [7] الاشتراك الصّرف بل بحسب معنى واحد.
مثل اسم الإنسان، فإنّكما لا تشكّان في أنّ وقوعه على زيد و عمرو بمعنى واحد
موجود. فذلك المعنى الموجود [8] لا يخلو إمّا أن يكون بحيث يناله الحسّ، أو لا يكون. فإن كان
بعيدا من أن يناله الحسّ فقد أخرج التّفتيش من
[9] المحسوسات ما ليس بمحسوس، و هذا أعجب. و إن كان محسوسا، فله لا
محالة وضع و أين و مقدار معيّن و كيف معيّن لا يتأتّى أن يحسّ، بل [10] و لا أن
[11] يتخيّل إلّا كذلك. فإنّ كلّ محسوس و كلّ متخيّل فإنّه يتخصّص لا
محالة بشىء من هذه الأحوال. و إذا كان كذلك لم يكن ملائما لما ليس بتلك الحال،
فلم يكن مقولا على كثيرين يختلفون [12] فى تلك