نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 323
كلّيّة، و محرّكا آخر هو صاحب إرادة جزئيّة. و قدّم الأوّل على
الثّانى، لكنّه قبل الشّروع في إقامة الدّلالة على هذين المطلوبين قدّم مقدّمة
ينتفع بها فيه [1]. و ذكر في تلك المقدّمة أمرين:
أحدهما؛ أنّ المعنى الحسّىّ
[2] إلى مثله تتّجه الإرادة [3] الحسّيّة، و المعنى العقلىّ إلى مثله تتّجه الإرادة العقليّة. و
اعلم أنّ هذه القضيّة [4]
بيّنة جدّا؛ لأنّ الإرادة هى الّتى سمّيناها بالعزم و الإجماع فيما مضى، و قد عرفت
أنّ هذه الإرادة تابعة للشّعور. فإن كان
[5] المشهور به أمرا عقليّا، كانت الإرادة
[6] لأجل تحصيل ذلك الأمر المعقول
[7]. و إن كان حسّيّا، كانت الإرادة لأجل تحصيله [8]. و هذا هو المراد من اتّجاه الإرادة.
و ثانيهما؛ قوله: «كلّ معنى يحمل على
كثير [9] غير محصور
[10] فهو كلّىّ [11]، سواء كان معتبرا بواحد [12] كقولك: ولد آدم، أو غير معتبر كقولك: إنسان»
؛ و هذا أيضا ظاهر لا إشكال فيه.
[الفصل الثّامن و العشرون [فى بيان أنّ لحركات الأفلاك مبدءا هو
صاحب الإرادة الكلّيّة]]
إشارة: حركة الجسم الأوّل بالإرادة ليست
[13] لنفس الحركة، فإنّها ليست من الكمالات الحسّيّة و لا العقليّة، و
إنّما تطلب لغيرها. و ليس الأولى لها إلّا الوضع
[14] و ليس بمعيّن موجود بل فرضىّ، و لا بمعيّن فرضىّ تقف عنده بل
معيّن كلّىّ؛ فتلك إرادة [15] عقليّة. و تحت هذا سرّ.
التّفسير: لمّا فرغ من تمهيد المقدّمة، شرع الآن [16] فى بيان أنّ لحركات الأفلاك مبدأ هو
صاحب الإرادة الكلّيّة. و الدّليل عليه هو
[17] أنّ مقصود الفلك [18] من الحركة إمّا أن يكون نفس الحركة، أو غيرها. و الأوّل باطل؛ لأنّ
الإرادة إمّا أن تكون جزئيّة، أو كلّيّة. فإن كانت جزئيّة فهى الإرادة الحسّيّة. و
إن كانت كلّيّة فهى الإرادة العقليّة. فظهر أنّ كلّ إرادة فهى إمّا حسّيّة و إمّا
عقليّة.
و قد بيّنّا في المقدّمة أنّ الإرادة متوجّهة إلى المعنى الحسّى، و
الإرادة العقليّة متوجّهة إلى