نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 32
فإن كان لها حصول في الحيّز
[1] فإمّا أن يكون على سبيل الاستقلال، أو على سبيل التّبعيّة. فإن كان
على سبيل الاستقلال لكانت [2] الهيولى متحيّزة، و ذلك محال: أمّا أوّلا، فلأنّ حلول الجسميّة فيها
يلزم منه اجتماع المثلين. و أمّا ثانيا، فلأنّه لا يكون أحدهما بالحالّيّة و الآخر
بالمحلّيّة أولى من العكس. و أمّا ثالثا، فلأنّ تلك الهيولى إن احتاجت إلى محلّ
فالكلام في محلّها كالكلام فيها، و لزم التّسلسل. و إن لم تكن بها [3] حاجة إلى المحلّ كانت الجسميّة غنيّة
عن المحلّ، و هو المطلوب. و أمّا إن كان على سبيل التّبعيّة فذلك بأن يقال:
الجسميّة تحصل بذاتها في الحيّز؛ و تلك الهيولى تحصل في ذلك الحيّز تبعا لحصول [4] الجسميّة فيه. و إذا كان حصولى
الهيولى في ذلك الحيّز؛ تبعا لحصول [5] الجسميّة فيه [6]، كانت الهيولى صفة [7]، و الجسميّة موصوفا. إذ لو جاز أن يكون الأمر بالعكس، فليجز كون
الجسم حالّا في اللّون أو الطّعم [8] أو غيرهما. و إن كان حصولها
[9] فى الحيّز تبعا لحصول الجسم
[10] فيه [11]،
و إذا كانت الهيولى صفة حالّة في الجسم استحال كون الجسم، حالّا فيها [12]. و أمّا إن لم تكن الهيولى حاصلة في
الحيّز لا على سبيل الاستقلال و لا على سبيل التّبعيّة، مع أنّ الجسميّة مختصّة
بذلك الحيّز، استحال أن تكون الجسميّة حالّة في الهيولى؛ لأنّا نعلم بالضّرورة أنّ
المختصّ بالجهة بالذّات يستحيل [13] أن يكون حاصلا و حالّا فيما لا اختصاص
[14] له بتلك الجهة لا بالذّات و لا بالتّبعيّة.
و لو جازت المكابرة في تجويز ذلك فليجز أن يقال: الأجسام بأسرها
حالّة في ذات البارى تعالى، و إن لم يكن للبارى
[15] تعالى اختصاص بالجهة لا بالذّات و لا بالتّبعيّة. فثبت أنّ القول
بحلول الجسميّة في محلّ يؤدّى إلى هذه الأقسام الباطلة فيكون القول به باطلا.
فهذا آخر الكلام في هذا الفصل. و هذه الحجّة بعينها يمكن أن يتمسّك
بها في نفى كون المقدار مغايرا للجسميّة بأن تؤخذ الجسميّة مكان الهيولى، و
المقدار مكان الجسميّة، ثمّ تساق الحجّة على وجهها.