التّفسير [2]: النّهج الطّريق الواضح، و النّمط ضرب من البسط. و إنّما خصّ أبواب
المنطق بالنّهج، و أبواب الطّبيعى و الإلهىّ بالنّمط، لأنّ المنطق تعليم طرق الحدّ
و البرهان، فكانت تلك الأبواب أنهاجا؛ و أمّا أبواب الطّبيعىّ و الإلهىّ فهى
مقصودة بذاتها [3] فكانت أنماطا.
و أمّا التّجوهر فهو عبارة عن صيرورة الشّىء جوهرا. و الجوهر قد
يراد به الموجود لا في موضوع، و قد يراد به ذات الشّىء و حقيقته، كما يقال: جوهر
السواد [4] أى ذاته. و ليس المراد من التّجوهر [5] صيرورة الشّىء جوهرا بالمعنى الأوّل [6]، لأنّه بالمعنى الأوّل إمّا أن يكون
جنسا للجسم [7] على ما هو المشهور بين الحكماء، أو
لازما لماهيّته على ما هو الحقّ. و على التّقديرين فإنّ الجسم لا يخلو عن
الجوهريّة لا في الخارج و لا في الذّهن. و صيرورة الشّىء شيئا آخر عبارة عن
اتّصافه بذلك الشىء بعد أن لم يكن موصوفا به. فثبت أنّه ليس المراد من التّجوهر
المعنى الأوّل، بل المراد منه المعنى الثّانى و هو تحقّق
[8] حقيقة الجسم و تكوّن ماهيّته. و ذلك لأنّ
[9] الجسم ماهيّة مركّبة من الأجزاء الّتى لا تتجزّأ عند بعضهم، و من
الهيولى و الصّورة عند الشّيخ. و كلّ ماهيّة مركّبة فإنّها أنّما تلتئم و تتحقّق
عند اجتماع أجزائها. و لمّا كان غرض الشيخ
[10] من هذا النّمط بيان الأمور الّتى من اجتماعها تحقّقت ماهيّة الجسم،
لا جرم ترجمه بتجوهر الأجسام، أى [11] هو نمط مشتمل على بيان