نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 24
التفسير: إنّما سمّى هذا الفصل بالتّنبيه لأنّ المطلوب فيه حاصل في
بديهة [1] العقل بعد تسليم المقدّمات الّتى مرّ [2] تحقيقها. و ذلك هو أنّ الجسم لمّا ثبت
أنّه قابل لانقسامات غير متناهية وجب أن تكون الحركة و الزّمان قابلين لانقسامات
غير متناهية. و ذلك لأنّ كلّ حركة فهى واقعة في مسافة، و كلّ مسافة فهى منقسمة،
فتكون الحركة لا محالة إلى نصف تلك المسافة نصف الحركة إلى كلّها، فيكون لتلك
الحركة نصف، فإذن كلّ حركة فهى منقسمة. و كذلك زمان الحركة إلى نصف المسافة نصف
زمان الحركة إلى آخرها، فيكون الزّمان منقسما. فثبت أنّ الجسم لمّا كان قابلا
للانقسامات الغير المتناهية وجب أن يكون الحركة و الزّمان قابلين للانقسامات الغير
المتناهية، و أنّه كما استحال تألّف الجسم من أجزاء غير قابلة للتّجزّى، فكذلك
يستحيل تألّف الحركة و الزّمان من أمور غير قابلة للتّجزّى.
و اعلم أنّ في القول بإثبات
[3] الجزء و نفيه، و كون الجسم القابل للانفصال شيئا واحدا في نفسه أم
لا، و كون الحركة و الزّمان قابلين للانقسامات الغير المتناهية أبحاثا دقيقة، فمن
أرادها فليطالع سائر كتبنا.
المسئلة الثّالثة فى إثبات الهيولى
و فيها أربعة فصول.
[الفصل السادس [الدّليل على إثبات الهيولى من جهة عروض الانفصال و
الاتّصال عليها]]
إشارة: قد علمت أنّ للجسم مقدارا ثخينا متّصلا؛ و أنّه قد يعرض له
انفصال [4] و انفكاك. و تعلم أنّ المتّصل بذاته
غير القابل للاتّصال و الانفصال [5] قبولا يكون [6] هو بعينه الموصوف بالأمرين.
فإذن قوّة هذا القبول غير وجود المقبول بالفعل، و غير هيئته و
صورته. و تلك القوّة لغير ما هو ذات المتّصل بذاته الّذى هو عند الانفصال يعدم و
يوجد غيره، و عند عود الاتّصال يعود مثله متجدّدا.