نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 208
الجملة.
فثبت بما ذكرنا أنّ الإنسان قد يعلم إنّيّته [1] حال ما يكون غافلا عن بدنه و جميع
أجزائه [2]، و المعلوم غير ما ليس بمعلوم، فإذن
هويّة الإنسان [3] ليست بجسم. و إذا لم تكن جسما، لم
تكن [4] من الأمور الّتى تدرك بالحسّ [5]، و لا بالقوّة الّتى يشبه الحسّ و ما
يناسبه من الخيال.
[الفصل الرّابع [فى أنّ النّفس لا يدرك بوساطة الأفعال و الآثار]]
وهم و تنبيه: و لعلّك تقول: إنّما أثبت ذاتى بوسط من فعلى؛ فيجب
إذن أن يكون لك فعل تثبته في الفرض المذكور، أو حركة، أو غير ذلك. ففى [6] اعتبارنا الفرض المذكور جعلناك
بمعزل من [7] ذلك.
و أمّا بحسب الأمر الأعمّ، فإنّ فعلك إن أثبتّه مطلقا فعلا، فيجب
أن تثبت منه [8] فاعلا مطلقا لا خاصّا، هو ذاتك
بعينها. و إن أثبتّه فعلا لك، فلم تثبت به ذاتك؛ بل ذاتك جزء من مفهوم فعلك من حيث
هو فعلك. فهو مثبت في الفهم قبله، و لا أقلّ من أن يكون معه لا به. فذاتك مثبتة لا
به.
التّفسير: لمّا ذكر في التّنبيه الثّانى الشّاعر من الإنسان بنفسه
إمّا الحسّ، أو غيره؛ و إن [9] كان غيره فإمّا بوسط أو لا بوسط
[10]؛ ثمّ أبطل الأوّل بما مضى؛ فحاول
[11] ههنا إبطال القسم الثّانى و هو أن يكون ذلك الشّعور بواسطة شىء
آخر. و الدّليل عليه وجهان [12]:
أحدهما؛ أنّا في الفرض الّذى ذكرناه في الفصل الأوّل بيّنّا أنّه مع
كونه غافلا عن كلّ الأشياء [13] لا يغفل عن ذاته. و لو كان علمه بذاته استدلاليّا، لما صحّ ذلك.
الثّانى؛ أنّ علمى بنفسى [14] لو كان ببرهان، لكان ذلك البرهان إمّا برهان اللّمّ [15]، أو
[16] برهان الإنّ [17]. و الأوّل ظاهر البطلان [18]، لأنّى أعلم نفسى قبل أن أعلم سببها. و أمّا الثّانى و هو
الاستدلال