نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 121
و لكن هذه الصّفة إنّما تحصل للجالس بسبب الأمرين المذكورين: أحدهما؛
النّسبة الّتى لبعض أجزاء [1] الجالس إلى بعض، و ثانيهما؛ بسبب
[2] نسبة تلك الأجزاء إلى أمور خارجة عنها. فإنّ النّسبة الّتى لبعض [3] أجزاء الجالس لو بقيت و قلب الجالس [4]، و الحالة هذه حتّى [5] جعل رأسه إلى أسفل و هو بعد [6] على هيئة في الجلوس [7]، لم يكن ذلك الشّخص جالسا حينئذ؛ إذ
النّسبة الّتى كانت بين أجزائه و إن كانت باقية إلّا أنّ
[8] النّسبة الّتى كانت بين تلك الأجزاء و بين الأمور الخارجة عنها غير
باقية. و إذا عرفت الوضع بهذا المعنى عرفت أنّ الفلك المحيط و إن لم يكن له موضع
إلّا أنّ له وضعا بالقياس إلى غيره.
و أمّا إن كان المحدّد للجهات فلكا له موضع و مكان، مثل أحد الأفلاك
الّتى في جوف الفلك الأعظم؛ فلو صحّ ذلك لكان المحدّد، له موضع و وضع. أمّا الموضع
فلأنّ مقعّر الفلك المحيط به [9] يكون موضعا له، و لكنّه مع هذا يستحيل أن يفارق موضعه. و أمّا
الوضع [10] فإنّ
[11] ذلك يكون له بالقياس إلى هو خارج عنه و هو الفلك المحيط، و بالقياس
إلى ما هو في حشوه و هو الجسم الّذى في حشوه.
و أمّا قوله: «و لعلّه لا يكون
المحدّد الأوّل [12]
إلّا القسم الأوّل»
؛ فاعلم أنّ ذلك مشعر بأنّه ما كان جازما بأنّ محدّد كلّ الجهات هو
الفلك الأوّل، و إن كان الأولى عنده ذلك. و سبب التّردّد هو أنّ الّذى يمكن أن
يعوّل عليه [13] فى بيان أنّ محدّد الجهات هو الفلك
الأوّل أن يقول: إنّا لو قدّرنا وجوده من غير أن يحصل في حشوه سائر الأفلاك، فإنّه
يحصل به وحده طرفا القرب و البعد منه. و إذا كان هو وحده كافيا في ذلك لم يكن
لغيره تأثير في ذلك، فلا يكون المحدّد إلّا هو.
و لكن لقائل أن يقول: هذا الكلام إنّما يستقيم لو كان الفلك الأوّل
متقدّما في الوجود على غيره من الأفلاك حتّى يقال: إنّه متى اجتمع على المعلول
علّتان مستقلّتان بالعلّيّة، فإذا كانت إحداهما