نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 100
المعلول، بل ارتفاع العلّة متقدّم على ارتفاع المعلول [1]. و بالجملة فالعلّة و المعلول يوجدان
معا و يعدمان معا في الزّمان، و لكنّ المعلول يكون محتاجا في وجوده و عدمه إلى
وجود العلّة و عدمها من غير عكس، فاندفع الشّك.
[الفصل السابع و العشرون [لا فرق بين الفلكيّات و العنصريّات فيما
قلنا من كون الصّورة شريكة لسبب أصلىّ و يكون مجموعهما علّة لوجود الهيولى]]
تذنيب: يجب أن تتلّطف من نفسك، و تعلم أنّ الحال فيما لا تفارقه
صورته في تقدّم الصّورة هذه الحال.
التّفسير: قد عرفت أنّ الأجسام الّتى لا تفارقها صورها هى الأجسام
الفلكيّة، فنقول: إنّ هيولى الفلك و صورته يستحيل أن يكون كلّ واحدة منهما غنيّة
عن الأخرى، أو يكون كلّ واحدة منهما محتاجة إلى الأخرى لمّا مر. و يستحيل أن تكون
الهيولى علّة لوجود صورها، لأنّ الهيولى قابلة للصّورة. فلو كانت علّة لها [2] لكان الشّىء الواحد قابلا و فاعلا؛ و
أنّه محال عندهم. فبقى أن تكون الصّورة علّة للهيولى. ثمّ إنّها إمّا أن تكون علّة
مطلقة، أو واسطة مطلقة؛ و يبطلهما بالوجه الّذى مرّ.
فلم يبق إلّا أن تكون الصّورة هناك أيضا
[3] شريكة لسبب أصلىّ [4]، و يكون مجموعهما علّة لوجود تلك الهيولى.
و اعلم أنّه لا تفاوت بين الكلام في هيولى الأجسام الّتى تفارقها
صورها و بين الكلام في هيولى الأجسام الّتى لا تفارقها صورها إلّا في شىء واحد، و
هو أنّا حيث بيّنّا أنّ الهيولى في الجسم الّذى تفارقها صورتها [5] ليست علّة لها، إنّما بيّنّا ذلك بأن
قلنا: إنّ تلك الصّورة إذا زالت وجب أن يعقّبها بدل، و معقّب البدل مقيم لتلك
المادّة بذلك البدل. و هذا الطريق لا يمكن أن يتمسّك به في بيان أنّ هيولى الفلك
ليست علّة لصورتها، بل أثبتنا ذلك هناك بأن قلنا: الهيولى لو كانت علّة لتلك
الصّورة مع أنّها قابلة لها، لزم كون الشّىء الواحد قابلا و فاعلا؛ و أنّه محال.
و لقائل أن يقول: تعقّلات البارى تعالى للكلّيّات صور حاصلة في ذاته
على ما صرّح به في
[5] - الهيولى في الجسم الّذى تفارقها صورتها: الهيولى الّتى
تفارقها صورها مج.
شرح الإشارات و التنبيهات (الفخر الرازي
)، ج2، ص: 101
النّمط السابع [1]، و ذلك ينقض هذا الّذى ذكره الآن
[2].
و هذا الطّريق يمكن أن يتمسّك به في أنّ هيولى العناصر ليست علّة
لصورها، لكنّ الشّيخ [3]
لم يذكر هناك هذا [4]
الطّريق العامّ، بل ذكر طريقا يختصّ بها، و لا يمكن
[5] إيرادها في الصّور الفلكيّة.
لا جرم زعم أنّه لا بدّ من التّلطّف في معرفة أنّ الحال فيما لا
تفارقه صورته مثل الحال فيما تفارقه صورته.
تنبيه [7]: الجسم ينتهى ببسيطه، و هو قطعه. و البسيط ينتهى بخطّه، و هو
قطعه. و الخطّ ينتهى بنقطته [8]، و هى قطعه. و الجسم يلزمه السطح، لا من حيث تتقوّم جسميّته، بل
من حيث يلزمه التّناهى بعد كونه جسما. فلا كونه ذا سطح، و لا كونه متناهيا، أمر
يدخل في تصوّره جسما، و لذلك قد يمكن قوما أن يتصوّروا جسما غير متناه إلى أن
يتبيّن لهم امتناع ما يتصوّرونه.
و أمّا السطح كسطح الكرة من غير اعتبار حركة أو قطع فيوجد و لا
خطّ. و أمّا المحور و القطبان و المنطقة فممّا يعترض عند الحركة، و الخطّ كمحيط
الدّائرة قد يوجد و لا نقطة. فأمّا المركز فعند ما يتقاطع أقطار، و عند حركة ما،
أو بالفرض. و قبل ذلك فوجود نقطة في الوسط كوجود نقطة فى الثّلثين و سائر ما لا
يتناهى [9] فإنّه لا وسط. و لا سائر مفاصل
الأجزاء في المقادير إلّا بعد وقوع ما ليس بواجب فيها من حركة أو تجزئة.
و إذا سمعت في تحديد الدّائرة: «و في داخلها نقطة»؛ فمعناه أنّه
يتأتّى أن تفرض فيها نقطة. كما [
[1] - راجع: النّمط السابع؛ الفصل السابع عشر؛ ص 538]