قوله عليه السلام في بداية المكاتبة:

«جاءني كتابك فقرأته وفهمت الذي فيه فحمدت اللَّه على سلامتك وعافية اللَّه إياك».

يدلّ على سلامته عن زيغ الخطابية.

وهذه المكاتبة قد رواها المفضّل نفسه ورواها عنه الصفار في بصائر الدرجات عن علي بن إبراهيم عن القاسم بن ربيع عن محمد بن سنان عن صباح المدائني عن المفضل.

ويظهر من الطريق اعتماد علي بن إبراهيم والصفار روايتها والظاهر أنّ سعد بن عبد اللَّه أيضاً رواها في كتاب بصائر الدرجات لورودها في كتاب مختصر بصائر الدرجات للحلّي.

ومضمون المكاتبة مطابق للمحكمات من الكتاب والسنة وفيه من غوامض حقائق التأويل الموزونة بالثوابت الأوليّة. وهذا المضمون لا يلائم مع ما يلصق به من اتّصاله بالخطّابيّة المنحرفة فإنّ فيها التأكيد على الفروع والأحكام وغيرها مما ينافي عقيدة بعض الغلاة من الخطّابيّة. كما اشتملت على كنوز مكنون لا يصل إلى شأوها من اقتصر على الكلام أو أحكام الفروع من كبّار الرواة.

والغريب من استضعاف المفضل لهذه المكاتبة ورميه بالغلو واضطراب الحديث من جمع من القدماء والمتأخرين. والظاهر منهم أنهم لا يعملون بمنهج دراسة المضمون لمعرفة حال الراوي أو لجفاف مبانيهم تبعاً لمدرسة الكلامية الجدلية.