وهو يقول: أجد منصور بن جمهور أميراً غير مأمور وأبياتاً من نحو هذا فنظر في وجهي ونظرت في وجهه فلم يقل لي شيئاً ولم أقل له وأقبلت أبكي لما رأيته واجتمع عليّ وعليه الصبيان والناس وجاء حتى دخل الرحبة وأقبل يدور مع الصبيان والناس يقولون: جنّ جابر بن يزيد جنّ فواللَّه ما مضت الأيام حتى ورد كتاب هشام بن عبد الملك إلى واليه أن أنظر رجلًا يقال له: جابر بن يزيد الجعفي فاضرب عنقه وابعث إليّ برأسه فالتفت إلى جلسائه فقال لهم: من جابر بن يزيد الجعفي؟ قالوا: أصلحك اللَّه كان رجلًا له علم وفضل وحديث وحجّ فجنّ وهوذا في الرحبة مع الصبيان على القصب يلعب معهم قال: فأشرف عليه فإذا هو مع الصبيان يلعب على القصب فقال: الحمد للَّهالذي عافاني من قتله، قال: ولم تمض الأيام حتى دخل منصور بن جمهور الكوفة وصنع ما كان يقول جابر» [1].

والحديث يعكس مدى أهمّية الموقعيّة التي يحتلّها جابر، كما أنّه يبيّن مدى خطورة جابر على النظام الأموي من ناحية ترويجه وتشييده بمعارف ومعالم أهل البيت عليهم السلام كما أنّه يبيّن مدى تسليمه لا سيما وأنّ جابر كما يظهر من ترجمته عند العامّة والخاصّة كان يمثّل الشخصيات الأولى الشيعية في الكوفة والتي يرمقها كبار رواة العامة بإجلال خاصّ، فمع ما كان يتمتّع به من مرتبة علمية واجتماعية إلّاأنّه سلّم للأمر المتوجّه إليه بالتظاهر بالجنون فإنّه لا يتأتّى إلّاممّن بلغ من الامتحان درجة كبيرة جدّاً.

كما أنّ خصوص هذا الامتحان لحفظه والحفاظ عليه يدلّ على مدى أهمية وخطورة الدور الذي سيقوم به جابر وهذا هو الذي تعكسه لنا روايات

[1] - الكافي 1/ 396- 397.