الرجال دون الجهات الأخرى.

والحال كذلك حتى في علم التأريخ والذي يعدّ علم الرجال شعبة منه وأنّ الكثير يظنّ أنّ الباحث في التاريخ يكفيه مجرّد الحفظ للمصادر وتواريخ الأحداث وتفاصيل القصاصات، مع أنّ التاريخ في الحقيقة علم الحضارات ومجمع علوم شتّى، ويمكن للباحث في التاريخ أن يقيم قراءات مختلفة ومتنوّعة. فإنّ من كان لديه إلمام اقتصادي وعلوم المال فذلك ينعكس على تدوينه لمعطيات التاريخ وكيفية تنظيم وتأليف قصاصاته. وكذلك من له إلمام بالعلوم السياسية أو العسكري أو الأمنية فإنّ ذلك أيضاً يؤثّر على منحى اهتمامه وكيفيّة جمعه لمعطيات التأريخ. وكذلك من لديه نزعات أدبية وعلوم اللغة فإنّك تلاحظ أنّه يجمع من التاريخ الأشعار وليالي السمر فيكتب كتاب الأغاني الذي هو من هذا النمط، ومن ثمّ نرى أنّ أبا الفرج الاصفهاني حيث كان ذا منحى سياسي وثوري كتب كتاب مقاتل الطالبيين. وكذلك لو كان المؤرخ لسيرة النبي صلى الله عليه و آله فقيهاً محدّثاً فإنّ ذلك ينعكس بوضوح على اهتماماته ومتابعاته في الجهة التي يدوّنها من سيرته صلى الله عليه و آله وتنصبّ جهوده فيها.

والحاصل أنّ المؤرخ وكذلك الرجالي يتأثّر إيجاباً وسلباً بالعلوم التي يتوفر عليها عند خوضه في علم التاريخ وعلم الرجال. بل نشاهد ذلك في العلوم الأخرى أيضاً. نظير اللغوي فإنّه يشاهد الكثير منهم تنعكس آراؤهم اللغوية والأدبية بالتأثر من مذهبه الفقهي أو العقائدي وكذلك الحال في المفسّرين.

وبالجملة: فإنّ علم الرجال ذو شجون وجهات عديدة وضبط الأسماء والأنساب والتواريخ وإن كان مؤثراً بدرجة من الأهمية الفائقة إلّاأنّ ذلك كلّه