الأصل الثامن، ضرورة إحاطة الرجالي بالأحاديث وعلومها وعلوم أخرى

وهذا ما نجده متعلّقاً في جملة من الأقدمين من أصحابنا الرجاليين كالكليني والصدوق وشيخه ابن الوليد، بل كان أرباب الجرح والتعديل دوماً ذوي باع روائي في التحديث والحديث والإلمام بالأصول والمصادر الروائية، نظير أصحاب الإجماع حيث كانت لهم آراء ومبان رجالية خاصّة متقيّدين بها.

ومن ثمّ عُبّر عن ذلك التضلّع الذي لديهم في الإلمام بأحوال الرواة بتصحيح ما يصحّ عنهم وهو يشير إلى مهارتهم في معرفة أحوال الرواة جنباً إلى جنب المعرفة بالأحاديث ومضامينها وأبوابها، وهذا التلازم بين العِلمين في غاية الأهمّية والتأثر المتبادل كبير جدّاً ولا يقتصر عليهما فقط فحسب. بل قد أشرنا إلى التأثر البالغ لعلم الرجال بالمباني الكلامية للرجالي، وأنّ جلّ ميزان الجرح والتعديل لديهم قائم على ذلك لا الظواهر السلوكية العملية الأخلاقية للراوي فقط. فإذا كان الرجالي لا يلمّ من علم الكلام إلّابمراتب سطحية منه من دون أن يكون له عمق وغور، فكيف تصحّح آراؤه الرجالية وتقييماته للرواة على ضوء المباحث العقائدية التي تحتاج إلى بحث مضنٍ وباعٍ طويلٍ، وصِرف التضلّع بالأنساب وأيّام العرب وقصاصات التاريخ لا يكفي في جزالة ونضوج رأي الرجالي، كما نعت بذلك النجاشي وإن كان هذا مؤثراً إيجابياً في جهة من علم