نام کتاب : الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمدية نویسنده : المدني، عليخان بن احمد جلد : 1 صفحه : 855
و زعم بعضهم أنّ إمّا عطفت الاسم على الاسم، و الواو عطفت إمّا على
إمّا، حكاه ابن الحاجب و جوّزه، و قال: إنّه لا يبعد. قال ابن هشام: و عطف الحرف
على الحرف غريب أي غير موجود، و أورد عليه أيضا أنّ إمّا الأولى إذا لم تكن للعطف
فكيف يصحّ عطف الثانية عليها بالواو المفيدة للجمع المستلزم لشركة المعطوف مع
المعطوف عليه في الحكم، انتهى.
و لا خلاف في أنّ إمّا الأولى غير عاطفة لاعتراضها بين العامل و
المعمول في نحو:
قام إمّا زيد و إمّا عمرو بين أحد معمولى العامل و معموله الآخر،
نحو: رأيت إمّا زيدا و إمّا عمرا، و بين المبدل منه و بدله نحو قوله تعالى:إِذا رَأَوْا ما
يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَ إِمَّا السَّاعَةَ [مريم/ 75]، فإنّ ما بعد الأولى بدل ممّا قبلها، و ادّعى ابن عصفور
الإجماع على أنّ إمّا الثانية غير عاطفة أيضا كالأولى، قال: و إنّما ذكروها في باب
العطف لمصاحبتها لحرفه، انتهى.
و لم يعدّها المصنّف في باب العطف من حروفه. قال الجرجانيّ: عدّها من
حروف العطف سهو ظاهر.
«ترد»إمّا «للتفضيل»، نحو قوله تعالى:إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً [الإنسان/ 3]، و الظاهر أنّ
انتصابها على الحال من الهاء في هديناه، و المعنى- و اللّه أعلم- بيّنا له الطريق،
و أوضحناه، فالحال مقدّرة، لأنّ المراد بالشكر العمل بما بيّن له، و بالكفر عدم
العمل به، و العمل بذلك و عدمه ليس مقارنا للتبيين، فاحتيج إلى الحكم بكون الحال
مقدّرة. قال الزمخشرىّ: و يجوز أن يكونا حالين من السبيل، أى إمّا سبيلا شاكرا و
إمّا سبيلا كفورا، كقوله تعالى:وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ [البلد/ 10]، فوصف السبيل بالشكر و الكفر مجازا. و أجاز الكوفيّون كون
إمّا هذه هي إن الشرطيّة و ما الزائدة. قال مكي[1]: لا يجيز البصريّون أن يلى الاسم
أداة الشرط، حتّى يكون بعدها فعل يفسّره، نحو:وَ إِنِ امْرَأَةٌ
خافَتْ [النساء/
128]، و ردّ عليه ابن الشجريّ بأنّ المضمر هنا كان بمترلة قوله [من البسيط]:
[1] - مكي بن أبي طالب صاحب الإعراب ولد سنة 355 ه،
كان من أهل التبحّر في علوم القرآن و العربية، صنف: إعراب القرآن، الموجز في
القراءات، الهداية في التفسير، و مات سنة 437 ه. بغية الوعاة.