يؤمن أنه سوف يمثل غداً أمام محكمة عادلة بصيرة، وأنه سيجازى جزاءً عادلًا، فإنّ مثل هذا الإنسان سوف لا يكذّب بالله العظيم، ولماذا يفعل ذلك وهو يعلم أنه حيّ قيّوم مهيمن عليه؟
أمّا الإنسان اللّامسؤول، والذي لا يؤمن بأنه سيقف أمام محكمة العدل، والذي يكذب، ويكفر بجميع القيم والمعتقدات الإلهيّة، فإنّ من الطبيعيّ أن كذبه هذا سيشمل الخالق عزّ وجلّ نفسه. وعلى هذا فإنّ كلمة (كلّا) تحمل هنا بصائر مختلفة، وأهم هذه البصائر أنّ الإنسان إنما ينكر الحقيقة لأنه ينكر المسؤولية، ويكذّب بيوم الدين الذي هو يوم المسؤولية والجزاء.
ثم ماذا ينفعني تكذيبي؟ دعنا نكذّب ملايين المرات بالشمس مثلًا-، فهل أن تكذيبنا بها يعني أنها ستفنى وتنعدم؟
والقرآن الكريم يريد أن يفهمنا هنا أنّ التكذيب بيوم الدين لا يمكن أن ينفع صاحبه، بل أنه يعود بالضرر عليه، لأنّ هناك من يسجّل كلّ كبيرة وصغيرة عليه.
(وَ إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظينَ* كِرامًا كاتِبينَ* يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ).
يقول الله تعالى: (وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ في عُنُقِهِ وَ نُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتابًا يَلْقاهُ مَنْشُورًا* اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسيبًا) (الإسراء/ 14 13).
والإنسان عندما يفتح هذا الكتاب سيكتشف أن كلّ صغيرة وكبيرة مسجّلة فيه، وسيقول وقد أخذته الدهشة