ثم يقول ربّنا عزّ وجلّ: (الَّذي خَلَقَكَ فَسَوّاكَ فَعَدَلَكَ) (الانفطار/ 7). وفي هذا القسم من الآية يشير الله تعالى إلى مراحل خلق الإنسان، وهذه المراحل عبارة عن الخلقة الأُولى، ثم تسوية الإنسان؛ فما من عضو فيه إلّا وهو متناسب مع سائر الأعضاء. فكلّ أعضاء جسم الإنسان مترابطة متعاونة، بحيث إذا تعرّض عضو ما إلى تأثير من التأثيرات فإنّ الجسم كلّه سيبدي ردود الفعل إزاء هذا التأثير.
وعندما تلتقي نطفة الرجل، مع بويضة المرأة، فإنّ هناك حسب ما يقرّره العلم الحديث ثلاثمائة مليار احتمال، وصورة الإنسان هي واحدة من هذه الاحتمالات، ولذلك فإنّ من غير الممكن أن يتماثل اثنان في العالم تماثلًا كاملًا إلى قيام الساعة.
ترى من الذي اختار للإنسان هذه الصورة الجميلة المتناسقة التي يشير إليها قول الله تعالى: (في أَيِ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ) (الانفطار/ 8)؟ فحتّى هذه الصورة لم أستطع أنا اختيارها، ومع ذلك فإنّ الإنسان يصيبه الغرور حتى يدفعه هذا الغرور إلى التكذيب بالدين.
إنّ مشكلة الإنسان الرئيسيّة هي كفره بالدين؛ أي بيوم الجزاء والمسؤولية، في حين أنه إذا آمن بالمسؤولية فإنّ حياته ستسودها السعادة والاستقرار، فالإنسان الذي