(يا أَيُّهَا اْلإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَريمِ) (الانفطار/ 6)؟ فمن أنت، ومن أنا، ولماذا يتبختر الواحد منّا ويطغى وهو من العجز بحيث يصفه الله تعالى بالقول: (وَ إِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئًا لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطّالِبُ وَ الْمَطْلُوبُ) (الحج/ 73)، ويقول عنه الحديث الشريف:
وفي هذا المجال يروي لنا التأريخ رواية معبّرة تقول إنّ ذبابة حطّت على جبين أحد الخلفاء العبّاسيين، وكان كلّما يحاول إبعادها تعود، وفي هذه الأثناء دخل بهلول، فإذا بهذا الطاغية ينبري قائلًا: لماذا خلق الله الذباب؟ فأجاب بهلول: لكي يرغم به أنوف الطغاة!
إنّ الآية المباركة: (يا أَيُّهَا اْلإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَريمِ) تحمل السؤال وجوابه. فالله عزّ وجلّ أنعم علينا بنعم بلغت من الكثرة والتواتر بحيث أنها أذهلتنا عن شكره وذكره، فانشغلنا بإرضاء رغباتنا وشهواتنا المادّية، وأنستنا هذه الرغبات والشهوات حمد الله تعالى وشكره. فعد إلى نفسك أيها الإنسان، واعرف نفسك بنفسك، وزنها قبل أن توزن غداً بميزان العدالة، واعرفها قبل أن تُعْرَف أمام الملأ.