نام کتاب : الفكر الإسلامي مواجهة حضاریة نویسنده : المدرسي، السيد محمد تقي جلد : 1 صفحه : 202
البشر الجهل والنسيان [1]، فكان على الله أن يختار لهم من يدعوهم إليه حتى يعرفوه فينالوا به السعادة والفلاح [2].
3- حاجة الإنسان إلى موجه:
كلما كررنا النظر إلى ما في أنفسنا وما في الكون المحيط بنا من تكوين ونظام أيقنا أكثر فأكثر بأننا عباد خُلِقنا ولم نكن شيئًا مذكورًا، ثم أُودعت نطفنا أرحامًا لم نكن قد عرفناها أو هيَّأناها من قبل، وفي ظلماتها رُزِقنا وأُنشئنا، ثم أُخرجنا إلى الدنيا في وقت لم نُحدِّده وبكيفية لم نُعيِّنها، وعشنا في ظروف لم نعرفها ولم نُنشئها، وأُوتينا الرشد بقدر غير مُقدَّر من قبلنا، والآن نأكل من رزق لا نملكه ونمشي على أرض لم نعمرها.
هذا بالنسبة إلى ما يحيط بنا، أما بالنسبة إلى العالم الذي نحيط به، أي عالم الإنسان؛ فإن آلاف النظم وملايين الأجزاء وبلايين الخلايا تحيط بها أجسامنا قد أُنشئت ونمت على غير إرادة منا ولا حتى معرفة لنا بها. العقل والعلم والعاطفة والخيال والحافظة وعشرات أمثالها مما أُودعت أرواحنا كانت هي الأخرى ولا تزال مُقدَّرة ومُسيَّرة من لدن غيرنا لم نكن نستطيع تغييرها أبدًا. كل ذلك يُلهمنا واقع أنفسنا أنها مخلوقة وأننا عباد مخلوقون مربوبون. وما دمنا كذلك فعلينا أن نتَّبع رضوان الرب العظيم الذي وهب لنا كل ذلك، وألَّا نقوم بأي عمل لا نعلم أنه راضٍ عنه.