فما كان يؤمن بالله فيها إلَّا شخص إبراهيم عليه السلام في صمود جبّار، ولذا كان أُمةً في رجل، ثم كافح الكفر والشرك بيد، وبنى البيت للطائفين والعاكفين والركّع السجود بيده الأخرى.
فتوسّعت دعوته؛ وانحدرت منه سلالة مؤمنة، وشيدت الكعبة قاعدة له ولذرّيته في الإيمان: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ تلبية دعوته، وتكريم النبي في ذرّيته وسلالته حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا[1].
فإذا كان أول بيتٍ وُضِعَ للتوحيد، وعبادة الله هو الكعبة في المسجد الحرام، وأول بيت للحق والهدى جدّده النبي إبراهيم عليه السلام، فجدير بالمؤمن أن يطوف به ليرسخ في قلبه الإيمان، وليصمد أمام التيارات العنيفة إصرارًا على المبدأ إذا طرأت الطوارئ، أو هبّت الزوابع.
وإذا كان المؤسس لهذا الكيان العَقَدِيّ العظيم هو النبي إبراهيم عليه السلام، فعلى المؤمن أن يتّبع ملّة إبراهيم حنيفًا.
وإذا كان المشعل الذي حمله النبي إبراهيم عليه السلام قد تلاقفه الأنبياء عليهم السلام من ذرّيته، فورثه النبي محمّد خاتم النبيين وسيّدهم صلى الله عليه واله، فمن الواجب على المؤمن ألَّا يكفر بعد إذ جاءه الهدى والحق المبين.