وَ إِيَّاكَ وَ الْعَجَلَةَ بِالأُمُورِ قَبْلَ أَوَانِهَا، أَوِ التَّسَقُّطَ [1] فِيهَا عِنْدَ إِمْكَانِهَا، أَوِ اللَّجَاجَةَ فِيهَا إِذَا تَنَكَّرَتْ [2]، أَوِ الْوَهْنَ [3] عَنْهَا إِذَا اسْتَوْضَحَتْ. فَضَعْ كُلَّ أَمْرٍ مَوْضِعَهُ، وَ أَوْقِعْ كُلَّ أَمْرٍ مَوْقِعَهُ.
وَ إِيَّاكَ وَ الِاسْتِئْثَارَ [4] بِمَا النَّاسُ فِيهِ أُسْوَةٌ، وَ التَّغَابِيَ عَمَّا تُعْنَى بِهِ مِمَّا قَدْ وَضَحَ لِلْعُيُونِ، فَإِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْكَ لِغَيْرِكَ. وَ عَمَّا قَلِيلٍ تَنْكَشِفُ عَنْكَ أَغْطِيَةُ الأُمُورِ، وَ يُنْتَصَفُ مِنْكَ لِلْمَظْلُومِ. امْلِكْ حَمِيَّةَ أَنْفِكَ [5]، وَ سَوْرَةَ [6] حَدِّكَ [7]،
وَ سَطْوَةَ يَدِكَ، وَ غَرْبَ [8] لِسَانِكَ، وَ احْتَرِسْ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ بِكَفِّ الْبَادِرَةِ [9]، وَ تَأْخِيرِ السَّطْوَةِ، حَتَّى يَسْكُنَ غَضَبُكَ فَتَمْلِكَ الِاخْتِيَارَ؛ وَ لَنْ تَحْكُمَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِكَ حَتَّى تُكْثِرَ هُمُومَكَ بِذِكْرِ الْمَعَادِ إِلَى رَبِّكَ.
34- أيها الحاكم! عليك بهذه الصفات
تجارب الحكومات العادلة التي سبقت، هي ينبوع من الحكمة، وعلى الحاكم أن ينظر فيها ليختار منها ما ينفعه، وكذلك السنن التي مضى عليها الحكماء، فيأمر الإمام (عليه السلام) بالعمل بها.
[1] - التَّسقط: التّهاون.
[2] - اللجاجة: الاصرار على النزاع. وتنكّرَت: لم يعرف وجه الصواب فيه.
[3] - الوَهْن: الضعف.
[4] - الاستئثار: تخصيص النفس بزيادة.
[5] - يقال: فلان حمّي الانف: إذا كان أبياً يأنف الضيم.
[6] - السَوْرة- بفتح السين وسكون الواو-: الحِدة.
[7] - الحَدّة- بالفتح-: البأس.
[8] - الغَرْب- بفتح فسكون-: الحدّ تشبيهاً له بحد السيف ونحوه.
[9] - البادرة: ما يبدر من اللسان عند الغضب من سباب ونحوه.