يعرضون عنها وبالتالي يكذبونها قبل دراستها والتفكر فيها.
ولكن ما هو علاج الإعراض والتكذيب عند البشر؟ إنه التذكرة. والقرآن
إنما جاء ليحقق هذا الهدف الهام والكبير، لذلك نجده من حيث المحتوى والأداء الأدبي
والنفسي والفكري حكمة بالغة، تنفذ إلى أعمق أغوار نفس الإنسان، وأبعد آفاق عقله،
ولكن إِنَّ في ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى
السَّمْعَ وَ هُوَ شَهيدٌ، فهو ميسر من قبل الله، وهذا التيسير
هو الذي جعل كلام الخالق الذي لا يتناهى عظمةً وجلالًا وعلوًّا بيِّناً وواضحاً
عند خلقه .. قال الإمام الصادق (ع)
، ولكن المعنى الذي يرتبط بعلاج الإعراض والتكذيب عند البشر هو أن
القرآن يصور لنا الحقائق الكبرى، كحقائق الغيب التي ينحسر عنها- لولا تيسير
القرآن- وعي الإنسان، ومنها الآخرة، تصويرا بليغا بحيث تصبح يسيرة الفهم
والاستيعاب، الأمر الذي يُحدث تعادلا في عقل الإنسان بين ما غاب مما يحدث في
المستقبل وما هو حاضر يحسه ويعايشه. إنه يدعوه إلى التعايش مع الحاضر الذي تشتهيه
نفسه على أساس المستقبل، أو ينهاه عن استهلاك شيء حاضر لأنه يوقعه في مهالك
المستقبل.