سورة البقرة بيَّنت شخصية الأمة الإسلامية فبدأت تقسم الناس إلى
ثلاثة أقسام: (المتقين ثم الكافرين والمنافقين) ثم وضَّحت كثيرا من صفاتهم، وبعدئذ
تناولت بني إسرائيل بوصفها مثلا لأمة مؤمنة، وشرحت قصصهم والعبر التي يجب أن نستفيدها
من حياتهم. وآخر درس أعطانا القرآن في هذا المجال هو: ضرورة التمسك بهدى القرآن
وعدم التأثر ببني إسرائيل؛ ذلك لأنها أمة قد انحرفت ولأنها أمة قد خلت، لها ما
كسبت ولكم ما كسبتم.
وبذلك ضمن القرآن الحكيم للأمة الإسلامية (شخصيتها) الثقافية
واستقلالها عن الأمم السابقة. وها هو يبين لنا رمز هذا الاستقلال الظاهر، والمتمثل
في القبلة التي توحد بين أبناء الأمة الإسلامية، وتعطي لهم كيانا متماسكا، ومن جهة
ثانية تميزهم عن سائر الأمم.
يبدأ القرآن هذا الدرس بتكرار الآية التي سبقت وأوضحت: بأن تطور
الزمان قد يؤثر في اختلاف التشريع، وأن على الأمة أن تفكر تفكيرا مستقلا ودون
التأثر بسلبيات الأمم السابقة