أقول:لا
يخفى أنّ ظاهر كثير من الواجبات المشروطة أنّ المقتضي فيها غير موجود،كما
في عدم تكليف الطفل حتّى يبلغ و حتّى يعقل المجنون،فلا مقتضي للتكليف قبل
ذلك،لا أنّه مقرون بالمانع،و في مثل الحائض لا مقتضي للأمر بالصلاة...و
هكذا.
فأمّا الأحكام التي ذكرها،فيمكن أن يكون عدم تشريعها لعدم المقتضي.و يمكن
أن يكون لوجود المانع-و اللّه أعلم-إذ لا علم لنا بالمغيّبات،فمن الجائز أن
يكون حالنا بالإضافة إلى الكمّل الذين يوجدون في زمن الحجّة-عجّل اللّه
تعالى فرجه الشريف-حال الصبيّ بالإضافة إلى البالغ؛لكون المؤمنين حينئذ في
أعلى درجات الكمال الديني.
و قد ذكر الميرزا النائيني قدّس سرّه في مقام الجواب عمّا ذكر في التقريرات
منسوبا إلى الشيخ الأنصاري:أنّه كما يمكن أن يتصوّر الإنسان الشيء
فيشتاقه الآن،كذلك يمكن أن يتصوّره فيشتاقه على تقدير كما يشتاق الإنسان
الغير الضمآن الماء على تقدير العطش فيوجبه على تقدير،بمعنى أن يكون الوجوب
مشروطا بوجود ذلك التقدير[1].
و لا يخفى أنّ ما ذكره قدّس سرّه غير تامّ أيضا؛إذ الموجودات ليس لها
وجودان: أحدهما مطلق،و الآخر على تقدير؛ضرورة أنّه إن وجدت أسبابه وجد و إن
فقدت أسبابه لم يوجد،أمّا الوجود على تقدير فلا أصل له كليّة.نعم،الوجود
الاستعدادي موجود من الموجودات كما في النواة،فإنّ استعدادها لأن تكون شجرة
متحقّق بالفعل و ليس على تقدير،و حينئذ فإن تمّت مقدّمات الشوق تحقّق
بالفعل و إن لم تتحقّق لم يتحقّق.
فالتحقيق في الجواب أن يقال إنّ عندنا في مقام الطلب امورا ثلاثة:أحدها الشوق،و الثاني الإرادة،و الثالث الطلب.