و
بالجملة،فالحروف بأسرها موضوعة لمعنى في غيرها و هو التقييد و التحصيص كما
ذكرنا،غايته أنّ التحصيص تارة يكون في معنى مفرد كما في قولك:زيد في
الدار،فهو تحصيص لزيد من ناحية الظرفية،و اخرى يكون التحصيص في معنى جملة
كما في أداة الشرط و الاستفهام و غيرها،و
كالحروف المشبّهة بكان،فمثل قولك:أكرم زيدا إن جاءك مثلا لمّا كان لفظ
أكرم زيدا مطلقا من حيث مجيئه و عدمه،فبإطلاقه كان يجب إكرامه على كلّ
تقدير فتقييده بالشرط تقييد له و بيان لكون الحصّة المطلوبة من الإكرام
حصّة خاصّة.و كذا الاستفهام على ما سيأتي في بيان معنى الجملة إن شاء اللّه
تعالى.
و بالجملة،فالتحصص و التقيّد هو المعنى الذي وضعت له الحروف و هو معنى قائم
بالغير؛ضرورة أنّ التقييد لا يكون إلاّ بين مقيّد و مقيّد به فهي تدلّ على
معاني في غيرها.
بقي الكلام في أنّ هذه المعاني التي هي المعاني الحرفية يمكن أن تستقلّ باللحاظ أم إنّها-كما هو المشهور و إليه ذهب صاحب الكفاية[1]-لا يمكن أن تلحظ إلاّ باللحاظ الآلي،بل ذكر بعضهم[2]أنّ
المعاني الحرفية معان مغفول عنها في مقام الاستعمال؟ الظاهر:إمكان أن
تستقل باللحاظ و إن كان المعنى في غيره،فإنّ معنى كون المعنى في غيره أنّه
بذاته غير مستقلّ،و لا يلزم منه أن يكون تعلّق اللحاظ الاستقلالي به
ممتنعا،بل إنّ تعلّق اللحاظ الاستقلالي به أمر وجداني؛فإنّه ربّما يكون
الذات و القيد
()قد أفاد في الدورة اللاحقة أنّ ما
وضع له حرف الاستفهام و الترجّي و التمنّي هو ما وضعت له الهيئات التركيبية
في الجمل الإنشائية،و هو إبراز كونه مستفهما عن كذا أو مترجّيا لكذا أو
متمنّيا لكذا على ما اختاره فيما وضعت له الجمل و لم يذكر فيها غير هذا
القسم مع القسم الأوّل.