الهيئات
و أمّا الحروف فقد وضعت للأعراض النسبيّة كالكم و الكيف،بل هذا أظهر فسادا
من سابقه،وجه فساده أنّه يستعمل فيما لا يتصور ظرفيّته للأعراض النسبيّة
كالواجب تعالى كما مثّلنا،و وجه أظهرية فساده أن الأعراض النسبيّة كغيرها
مفاهيم اسمية مستقلة و قد اعترف بمباينة المعاني الحرفية للاسمية ذاتا و
هذا يقتضي اتّحادها و كون الاختلاف باللحاظ فإنّ الكمّ و الكيف و الظرفية
كلّها معاني اسمية)[1].
الوجه الثاني:من الوجوه المذكورة في تصوير المعنى الحرفي بعد فرض مغايرته
للمعاني الاسمية و أنّهما سنخان من المعنى ما ذكره الميرزا النائيني قدّس
سرّه[2]و ملخّصه:أنّ المعاني
الاسمية معان إخطارية؛لأنّها توجب إخطار المعنى عند ذكره،مثلا إذا قلنا:
زيد فهذه الكلمة توجب إخطار ذات زيد في ذهن السامع مثلا،و المعاني الحرفية
معان إيجادية،فإنّك إذا تكلّمت بحرف«في»فقد أوجدت خارجا فردا من أفراد
الظرفيّة مثلا؛ضرورة أنّك توجد الربط بين المفردات الإخطارية،مثلا لفظ زيد
لفظ مفرد يوجب إخطار ذاته و لفظ دار كذلك أيضا،فلو ذكرت هذه الألفاظ
متسلسلة من غير ذكر الحرف مثلا لم تكن مربوطة،بل و لو جيء بالمعنى الاسمي
بدل الحرف أيضا لا يحصل الربط،كما إذا قلنا:زيد ظرفية تعريف دار تزداد عدم
مربوطيّتها،فيكون المحدث لهذا الربط هو الحرف،مثل لفظة«في»في قولك:زيد في
الدار.فالحروف تكون بمعانيها الإيجادية محدثة للربط،فهي موجدة لواقع
الظرفيّة في الخارج و محدثة للربط بين المعاني الاسمية،و هذا الربط المحدث
إذا كان موافقا للربط الواقعي بين هذه المفردات فالقضيّة صادقة و إلاّ
فكاذبة.