ويلحق هذا بالنوع الثاني في تبدّل الحكم بتبدل موضوعه، لأن موضوعات
الأحكام الشرعيّة إنّما هي الحقائق العرفية، سواء طابقت الواقعيّة أولا،
فإن الخمر والخل في نظر العرف موضوعان متغايران، لا مانع عندهم من الحكم
بنجاسة الأول وطهارة الثاني، وان اتحدا في حقيقتهما النوعيّة لدى العقل
والنظر الفلسفي.
و على الجملة: لو كان التبدّل في الصورة النوعيّة العرفيّة، وكان المتبدل
اليه محكوما بالطهارة الواقعيّة أو الظاهريّة كفى ذلك في الحكم بالطهارة،
وان لم يتبدل في صورته النوعيّة بنظر العقل، وأما تبدّل الشيء من هيئته
وصفته خاصة فلا يوجب الطهارة وان أوجب تغيّر الاسم، لبقاء الموضوع السابق. هل تكون الاستحالة مطهرة للنجس[1]ظاهر عبارة المتن، بل صريحه، هو أن الاستحالة تكون من المطهّرات[1]،
ولكن قد عرفت أنها تكون مغيّرة للموضوع ورافعة له، فتكون السالبة بانتفاء
الموضوع، لا المحمول، لعدم بقاء موضوع النجاسة مع الاستحالة، فان المحال
إليه موضوع جديد مغاير للأول، ويتبعه حكمه.
و السرّ في ذلك هو أن الحكم بالنجاسة في أعيان النجاسات تترتب على الصور
النوعيّة، كعنوان«الدم»و«المنى»و«البول»و نحو ذلك من عناوين النجاسات، فإذا
تبدّلت زالت النجاسة، لانتفاء موضوعها، فإذا استحال الدّم فيلحظ المحال
إليه كعنوان«التراب»أو«الإنسان»أو شيء آخر ويحكم بحكمه، وان بقيت المادّة
الأصلية المشتركة، كعنوان الجسم-في كلتا الصورتين-فإنها ليست موضوعا
للنجاسة[2]في نظر العرف، فالنتيجة: [1]كما جاء في تعبيرات غيره منهم
صاحب الحدائق ج 5 ص 471. [2]و هكذا سائر الأحكام، كالحرمة فان
الدم يحرم أكله ولكن لو أكله حيوان محلل الأكل وصار جزء من لحمه جاز أكله،
نعم ربما لا يكون للعناوين الخاصة دخل في ثبوت الحكم