و قد خالف في ذلك صاحب الحدائق«قده»[1]فذهب
إلى القول بطهارة المتخلّف في الذبيحة وحليّته مطلقا. واستدل لذلك بوجوه:
الأول: اتفاق الأصحاب على كلا الحكمين-الطهارة والحلية-من غير خلاف يعرف.
و يدفعه: أن الأصحاب لم يصرّحوا بحلية الدم المتخلّف، وانما صرّحوا
بطهارته، وهي أعم من الحلّية. بل عدّهم الدم من محرمات الذبيحة يشمل
المتخلّف بإطلاقه. كيف وقد دلت الآية الكريمة والروايات-الّتي تقدّمت
الإشارة إليها-على حرمة الدم بإطلاقه. غاية ما هناك نخرج عن إطلاق الحرمة
في خصوص المتخلّف في الذبيحة إذا كان تابعا ومستهلكا في اللحم.
الوجه الثاني: حصر المحرمات في الآيات فيما لا يشمل الدم المتخلّف في الذبيحة. ومراده«قده»من الآية الحاصرة قوله تعالى
{ قُلْ لاََ أَجِدُ فِي مََا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلىََ طََاعِمٍ
يَطْعَمُهُ إِلاََّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً. } [2] بدعوى: ان مقتضى الحصر فيها حلّية غير المسفوح، ومنه المتخلّف في الذبيحة، وبها يقيد إطلاق آية التحريم المتقدمة.
و الجواب عنه: ان الاستدلال بها إما بمفهوم الحصر، أو بمفهوم الوصف،
فإنه«قده»و ان لم يصرح بكيفية الاستدلال ولكن لا تخلو الحال من إرادة أحد
الوجهين، وفي كليهما نظر وإشكال.
أما مفهوم الحصر، فيرده أنه إضافي لا حقيقي، وإلاّ لزم تخصيص الأكثر
المستهجن، فان المحرمات من الحيوانات البريّة والبحريّة كالسباع، و