الا انه يدفع هذا القول ما تقدم من الأدلة على اعتبار الغسل بالماء في زوال النجاسة، التي من جملتها قوله عليه السّلام في موثقة عمار[1]الواردة
في الماء الذي وقعت فيه فأرة متسلخة: «يغسل ثيابه، ويغسل كل ما اصابه ذلك
الماء»فإن الأمر بغسل الثوب وغيره مما اصابه ذلك الماء يدل على ان مجرد
زوال عين النجس لا يكفي في الطهارة، لأن الثوب-و كذا غيره مما أصابه الماء
المتنجس ولو كان غير الثوب والبدن-لم يكن فيه عين النجس، ومع ذلك أمر بغسله
وهذا ظاهر لا ينبغي التأمل فيه.
فالعمدة هو البحث عن تنجيس المتنجس الخالي عن عين النجس، وقد ذكرنا ان
المشهور هو التنجيس ولو كانت الوسائط كثيرة، من دون فرق بين المائعات
وغيرها. واستدل على ذلك بوجوه: الأول: دعوى الضرورة على سراية المتنجس
لملاقيه مطلقا.
و فيه: أنه ان كان المراد بها ما هو معلوم من الشارع، بحيث يكون الملتفت
إلى النبوة يلتفت إليه أيضا، ويكون إنكاره موجبا لإنكار النبوة، كوجوب
الصلاة والصوم والحج ونحو ذلك مما تداول في لسان الشارع، فواضح المنع جدا،
لأن المسألة من المسائل النظرية المحتاجة إلى الاستنباط، وليس في لسان
الشارع تصريح بذلك، والضرورة بهذا المعنى تنحصر في الأحكام الكثيرة الدوران
في الكتاب والسنة القطعيّة: وان أريد بها معلوميّة الحكم لدى المتشرعة
وكونه من المسلّمات عندهم، فيدفعه: ان مجرد ذلك لا يوجب صيرورة الحكم من
الضروريات الواضحات، بحيث يعلم صدوره من الشارع وثبوته في الشريعة
المقدّسة، إذا العوام يرجعون في تلقى الأحكام
[1]وسائل الشيعة ج 1 ص 142 الباب 4 من أبواب الماء المطلق، الحديث: 1.