مرات
عديدة، وبين ما إذا لاقاه الدم أولا ثم لاقاه البول في عدم تنجسه ثانيا.
نعم لو كان للنجاسة الثانية حكم آخر غير ما للأولى يترتب ذلك الحكم لا
محالة، كالغسل مرتين في ملاقاة البول، والتعفير في ولوغ الكلب. والظاهر ان
ما ذكره مما لا خلاف فيه بين الأصحاب.
و لا يخفى عليك: ان هذا الحكم-اعنى عدم تنجس المتنجس-غير مبنىّ على التداخل
في الأسباب. كما أن الحكم بعدم وجوب تعدد الغسل فيما إذا لم يختلف حكمهما
لا يبتنى على التداخل في المسببات كي يقال بأنهما على خلاف الأصل كما زعم.
وذلك لان محل الكلام في تلك المسألة انما هو الأوامر المولويّة دون
الإرشادية التي هي المبحوث عنه في المقام، وذلك لما يستظهر هناك من ان أمر
المولى بطبيعة مشروطا بشرطين مختلفين-كما إذا قال: «ان ظاهرت فأعتق»و«ان
أفطرت فأعتق». أو قال: «إذا أجنبت فاغتسل»«و إذا مسست الميت فاغتسل»-ظاهر
في إرادة فردين من الطبيعة، لظهور اشتراط الوجوب بشيء في سببية ذاك الشيء
له مستقلا، فهناك سببان للحكم، فلا بد من تقييد متعلق كل منهما بغير ما
تعلق به الأخر، والالتزام بوجوب فردين من العتق ووجوب غسلين في المثالين،
لاستحالة تعلق البعث بشيء واحد مرتين. فمقتضى الأصل هو عدم التداخل في
الأسباب وكذلك المسببات، فلا يكفى امتثال واحد، الا ان يدل دليل على خلافه.
هذا في الأوامر المولويّة.
و أما الأوامر الإرشادية، التي منها الأوامر الواردة في باب
النجاسات-كالأمر بغسل الثوب الملاقي للبول مثلا-فليست كذلك بل مقتضى الأصل
فيها هو التداخل. والسّر في ذلك هو انه ليس في الأوامر الإرشادية طلب وبعث
نحو شيء، كي يقال باستحالة تعلق بعثين بشيء