الوسواسى
تحصيل العلم بالواقع في مقام الامتثال، أو يجوز له الاكتفاء باحتمال فراغ
الذمة؟لا ينبغي الإشكال في تعيّن الثاني، وجواز اكتفاءه بالاحتمال، وذلك
لخروج شكه عما هو المتعارف عند العقلاء، لحصول الشك له من الأسباب غير
المتعارفة، فلا يشمله موضوع الأصول العملية الشرعيّة، من استصحاب النجاسة
ونحوه، لانصرافه عنه. بل لا يجري في حقه قاعدة الاشتغال العقلي، وذلك
للروايات[1]الدالة على عدم لزوم
الاعتناء بشك كثير الشك، وانه لا يجب عليه تحصيل العلم بإتيان المأمور به
إذا أتى بالعمل على النحو المتعارف، فيثبت الحكم في الوسواسي-الذي أشدّ من
كثرة الشك بطريق أولى.
الجهة الثانية في حجية شهادته كما إذا شهد بنجاسة شيء مثلا.
الصحيح هو عدم الحجية، لحصول العلم له من الأسباب غير المتعارفة، فينصرف
عنه أدلة اعتبارها كانصراف أدلة الأصول العمليّة عن شكه الحاصل له من
الأسباب غير العادية، كما ذكرنا آنفا. وعن بعض الوسواسيين: انه كان يتوضأ
على السطح، فاعتقد أن قطرة من ماء الوضوء قد نزت من أرض الدار، فأصابت
رقبته، فصار ذلك سببا لتنبهه، وزوال وسوسته، إذ كيف يمكن صعود قطرة ماء من
ارض الدار الى السطح، فتصيب رقبته. وعن بعضهم: انه كان يعتقد نجاسة جميع
المساجد في النجف الأشرف، من جهة انفعال الماء القليل بملاقاة الآلات
والأدوات المستعملة في البناء. وأعجب من ذلك ما حكى عن بعض العوام من أهل
الوسوسة انه كان يحلق لحيته لوصول الماء إلى بشرته في الوضوء، لاعتقاده ان
الشعر ولو خفيفه يمنع
[1]المذكورة في الوسائل ج 8 ص 227 الباب: 16 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة.