الاستحالة
من المطهرات. الا على نحو من المسامحة، لأن زوال النجاسة حينئذ انما يكون
بزوال موضوعها، لا مع بقاءه، وأما المادّة المشتركة بين الصورتين فلا حكم
لها في الشريعة المقدسة، لأن شيئية الشيء بصورته لا بمادته، والصور
النوعية-و لو بحسب النظر العرفي-هي الموضوع للأحكام الشرعية، فإن الملح غير
الكلب واقعا. وأما الانقلاب فهو عبارة عن تغير وصف الشيء كاللحم المتنجس
إذا طبخ، فان المطبوخ غير«النّيء»أعنى غير المطبوخ، ولا يزول بذلك أحكامه
السابقة، كالنجاسة، وغيرها. وقد يوجب تغير الاسم أيضا، الا ان المتغير هو
الأول في نظر العرف، وان تغير وصفه، واسمه، كالخمر المنقلب الى الخل، فإنه
بزوال إسكاره لا يصير موضوعا آخر، وان تغير اسمه، ووصفه، بل هو بعينه، غاية
الأمر قد زال وصفه، وموضوع النجاسة هو هذا الجسم الخاص، وهو باق في كلتا
الحالتين، ولا عموم يدل على مطهرية الانقلاب إلا في خصوص الخمر إذا انقلب
خلا واما انقلاب العصير دبسا فلم يقم دليل على مطهريته، أو كونه محللا له.
و من هنا لا نظن ان يلتزم الشهيد الثاني«قده»بطهارة الدبس إذا كان عصيرة
متنجسا بغير الغليان، كالمتنجس بالبول، والدم، ونحوهما، بدعوى: مطهرية
الانقلاب، نظير ما يلتزم به في الخشب المتنجس إذا استحال رمادا، فمقتضى
عموم ما دل على حرمة العصير أو نجاسته بقاءه عليها ولو صار دبسا، فالأقوى
بقاءه على الحرمة أو النجاسة لأن وجه الحلية في غاية الضعف.
و عليه فإذا استلزم ذهاب ثلثيه احتراقه فالأولى ان يصبّ عليه مقدار من
الماء، فإذا ذهب ثلثاه حل بلا إشكال، لصدق العصير على المجموع، وقد ذهب
ثلثاه.