فبطل تحریمهم لبعض دون بعض لغیر ما سبب معقول. و
أمّا احتمال أن یکون شریعة التحریم أخذوها عن اللّه- بواسطة رسول أو بلا
واسطة- فهو منفی، أولا: لأنّهم لم یدّعوه. و ثانیا: ظهور بطلان الدعوی لو
ادّعوها، إذ لم یأتوا علیها بسلطان. و من ثمّ عقبها بقوله: قُلْ لا
أَجِدُ فِی ما أُوحِیَ إِلَیَّ مُحَرَّماً عَلی طاعِمٍ یَطْعَمُهُ إِلَّا
أَنْ یَکُونَ مَیْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِیرٍ
فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَیْرِ اللَّهِ بِهِ [1].
القول بالموجب:
قال ابن معصوم: هو نوع من البدیع غریب المعنی، لطیف المبنی، راجع الوزن
فی معیار البلاغة، مفرغ الحسن فی قالب الصیاغة. و هو و الاسلوب الحکیم [2]
رضیعا لبان و فرسا رهان [3]. قال ابن أبی الاصبع: هو أن یتکلّم أحد
بشیء، فیعمد السامع إلی لفظة من کلامه، فیبنی علیها و یناقضه بسببها. ردّا
علیه من کلام نفسه. و ذلک یوجب معاکسة مقصود المتکلّم و نقض غرضه. قال:
لأنّ حقیقة القول بالموجب هو ردّ کلام الخصم من فحوی لفظه [4] و هو نوع
«المسلّمات» من القیاس
(1) الأنعام: 145. (2) سنأتی علیه، و هو: تلقّی
المخاطب بغیر ما یترقّب، بحمل کلامه علی خلاف مراده، تنبیها علی أنّه
الأولی بالقصد. کقول القبعثری للحجّاج لمّا قال له متوعّدا: لأحملنک علی
الأدهم- أراد به القید- فقال: مثل الأمیر یحمل علی الأدهم و الأشهب- أراد
به الفرس- (راجع: أنوار الربیع: ج 2 ص 211). (3) أنوار الربیع: ج 2 ص 198. (4) بدیع القرآن: ص 314.