و
بعد .. فإذ قد عرفت قیمة ما أسند من روایات أسباب النزول الواردة فی أهم
الکتب الحدیثیّة، فکیف بالمقطوع و المرسل و المجهول .. الأمر الذی ینبؤک عن
أصالة ما لدینا من صحاح الروایات فی هذا الباب ... و قد صحّ کلام الإمام
أحمد: ثلاثة لیس لها أصل معتمد: المغازی و الملاحم و التفسیر .. هذا
السیوطی یخرّج لقوله تعالی: «فَأَیْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ»
[1] خمسة أوجه: الأوّل: إنّه فی تحویل القبلة و ارتیاب الیهود فی ذلک. عن
ابن جریر و ابن أبی حاتم من طریق علی بن أبی طلحة عن ابن عباس. الثانی: أن تصلی حیثما توجّهت به راحلتک. أخرجه الحاکم و غیره عن ابن عمر. الثالث:
إنّه کان فی سفر لیلة ظلماء فصلّی کلّ رجل علی حیاله لا یدرون این وجه
القبلة. أخرجه الترمذی من حدیث عامر بن ربیعة. و کذا الدارقطنی من حدیث
جابر. الرابع: لمّا نزلت «ادْعُونِی أَسْتَجِبْ لَکُمْ» [2] قالوا: الی أین؟ فنزلت. أخرجه ابن جریر عن مجاهد. الخامس:
عن قتادة أنّ النبیّ (صلی اللّه علیه و آله) قال: إنّ أخا لکم قد مات
فصلّوا علیه، فقالوا: إنّه کان لا یصلی الی القبلة .. فنزلت .. قال
السیوطی- تعقیبا علی ذلک-: فهذه خمسة أسباب مختلفة، و أضعفها الأخیر
لإعضاله. ثم ما قبله لإرساله. ثم الثالث لضعف رواته. و الثانی صحیح لکنه
قال: قد أنزلت فی کذا، و لم یصرّح بالسبب. و الأوّل صحیح الإسناد و صرّح
فیه بذکر السبب فهو المعتمد .. [3]. (1) البقرة: 115. (2) غافر: 60. (3) الإتقان: ج 1 ص 93.