ما هو الفارق بین قولهم: «سبب النزول» أو «شأن النزول»؟ إن کانت هناک
مشکلة حاضرة، سواء أ کانت حادثة أبهم أمرها، أم مسألة خفی وجه صوابها، أم
واقعة ضلّ سبیل مخرجها، فنزلت الآیة لتعالج شأنها و تضع حلا لمشکلتها، فتلک
هی أسباب النزول، أی السبب الداعی و العلة الموجبة لنزول قرآن بشأنها. و
هذا أخصّ من قولهم: «شأن النزول». لأنّ الشأن أعمّ موردا من السبب- فی
مصطلحهم- بعد أن کان الشأن یعنی: الأمر الذی نزل القرآن- آیة أو سورة-
لتعالج شأنه بیانا و شرحا أو اعتبارا بمواضع اعتباره. کما فی أکثریّة قصص
الماضین و الإخبار عن امم سالفین، أو عن مواقف أنبیاء و قدّیسین، کانت
مشوهة و کادت تمسّ من کرامتهم أو تحط من قدسیتهم، فنزل القرآن لیعالج هذا
الجانب، و یبیّن الصحیح من حکایة حالهم و الواقع من سیرتهم بما یرفع
الإشکال و الإبهام، و ینزّه ساحة قدس أولیاء اللّه الکرام. و علیه
فالفارق بین السبب و الشأن- اصطلاحا- أنّ الأول یعنی مشکلة حاضرة لحادثة
عارضة. و الثانی مشکلة أمر واقع، سواء أ کانت حاضرة أم غابرة. و هذا اصطلاح
و لا مشاحّة فیه .. و قولهم: نزلت فی کذا .. أعمّ، قد یراد السبب
العارض، و قد یراد شأن أمر واقع فی الغابر .. و أحیانا یراد بیان حکم و
تکلیف شرعی دائم .. قال الزرکشی: و قد عرف من عادة الصحابة و التابعین أنّ
أحدهم إذا قال: نزلت هذه الآیة فی کذا .. فإنّه یرید بذلک أنّ هذه الآیة
تتضمّن هذا الحکم، لا أنّ هذا کان السبب فی نزولها .. [1].