غضبا من الشاب، و المرأة أسرع غضبا
من الرجل، و صاحب الأخلاق السیئة و الرذائل القبیحة أسرع غضبا من صاحب
الفضائل. فالرذل یغضب لشهوته إذا فاتته اللقمة، و البخیل یغاظ لبخله إذا
فقد الحبة، حتی یغضب لقد أدنی شیء علی أعزة أهله و ولده. و النفس القویة
المتصفة بالفضیلة أجل شأنا من أن تتغیر و تضطرب لمثل هذه الأمور، بل هی
کالطود الشاهق و لا تحرکه العواصف، و لذا قال سید الرسل- صلی اللَّه علیه و آله و سلم-: «لیس الشدید بالصرعة، إنما الشدید الذی یملک نفسه عند الغضب». و
إن شککت فی ذلک فافتح عینیک و انظر إلی طبقات الناس الموجودین، ثم ارجع
إلی کتب السیر و التواریخ، و استمع إلی حکایات الماضین، حتی تعلم: أن الحلم
و العفو و کظم الغیظ شیمة الأنبیاء و الحکماء و أکابر الملوک و العقلاء، و
الغضب خصلة الجهلة و الأغبیاء.
تتمیم
اعلم أن بعض المعالجات المذکورة یقتضی قطع أسباب الغضب و حسم مواده، حتی
لا یهیج و لا یصدر، و بعضها یکسر سورته أو یدفعه إذا صدر و هاج. و من
علاجه عند الهیجان الاستعاذة من الشیطان، و الجلوس إن کان قائما، و
الاضطجاع إن کان جالسا، و الوضوء أو الغسل بالماء البارد، و إن کان غضبه
علی ذی رحم فلیدن منه و لیمسه، فإن الرحم إذا مست سکنت، کما ورد فی الأخبار
[1].
وصل (فضیلة الحلم و کظم الغیظ)
اشارة
قد عرفت أن الحلم هو طمأنینة النفس، بحیث لا یحرکها الغضب بسهولة و لا
یزعجه المکروه بسرعة، فهو الضد الحقیقی للغضب، لأنه المانع من حدوثه
(1) روی ذلک فی الکافی فی باب الغضب عن الباقر- علیه السلام-.