جماعة فیها مجلدات من الکتب، و مع ذلک لم یأتوا إلا بالیسیر، و لم یذکروا إلا قلیلا من کثیر. ثم
انتقل إلی (عالم الجو) و عجائبه. من السبح و الغیوم و الأمطار و الثلوج و
الشهب و البروق و الصواعق و الرعود، فانظر إلی السحاب الخفیف مع رخاوته کیف
یحمل الماء الثقیل و یسکن فی جو صاف لا یتحرک إلا أن یأذن اللّه سبحانه فی
إرساله الماء، و تقطیع القطرات کل قطرة بالقدر الذی شاء و أراد، فینزل
قطرات متفاصلة لا تدرک قطرة منها أخری، و لا یتقدم المتأخرة و لا یتأخر
المتقدم، حتی یصیب الأرض قطرة قطرة، و عین کل قطرة لجزء من الأرض أو قوتا
لحیوان معین، و لو کنت- یا حبیبی- ذا قلب لشاهدت فی کل قطرة خطا إلیها
مکتوبا بقلم إلهی: إنه یصیب الجزء الفلانی من الأرض، أو رزق للحیوان
الفلانی فی الموضع الفلانی.
ثم ارفع رأسک إلی هذا (السقف الأخضر)
قائلا: سبحانک! ما خلقت هذا باطلا. و انظر إلی هذه الأجرام النوریة و
عجائبها، و اصرف برهة من وقتک فی الفحص عن حقائق غرائبها: من الشمس و
إضاءتها عالم الأکوان، و القمر و اختلاف تشکلاته فی الزیادة و النقصان، و
سائر الأنجم الدائرة، و الکواکب الثابتة و السائرة، و اختلاف صورها و
أشکالها و مقادیرها و أوضاعها، و تفاوت مشارقها و مغاربها، و تباین منازلها
و مواضعها، و اجتماعها و اتصالها، و تفرقها و انفصالها، و طلوعها و
أفولها، و کسوفها و خسوفها، و انتظام حرکاتها و اتساق دورانها، و حسن وضعها
و ترتیبها و عجیب نضدها و ترصیعها، بحیث حصل من کیفیة نضدها و وضعها صور
جمیع الحیوانات: من العقرب و الحمل و الثور و الجدی و الإنسان و الحوت و السرطان، بل صور