غیر
الحیوان: من السنبلة و المیزان و القوس و الدلو و غیر ذلک. حتی ما من صورة
فی الأرض إلا و لها تمثال فی السماء أ یظن عاقل أن وضع هذه الکواکب علی
هذه الصورة و اختلاف بعضها فی اللون: ککمودة زحل، و حمرة المریخ، و قلب
العقرب، و صفرة عطارد، و رصاصیة الزهرة و المشتری، بمجرد الاتفاق، و لیس
لخالقها فی ذلک حکمة و مصلحة فما أشد جهلا و حمقا من توهم ذلک!
ثم انظر إلی حرکة (الشمس)
یسیر فلکها و إتمامها الدور بهذا السیر فی سنة، و به تقرب من وسط السماء
و تبعد عنه، و بسیر آخر تطلع و تغرب فی کل یوم و تتم الدور بیوم و لیلة،
فلو لا سیرها الأول الموجب لغایة قربها إلی وسط السماء مدة، و غایة بعدها
عنه تارة، و توسطها بین الغایتین مرتین، لم تحصل الفصول الأربعة الموجبة
لنشوء النباتات و الثمار و نضجها و بلوغها إلی غایاتها المطلوبة، و لو لا
سیرها الثانی لم یختلف اللیل و النهار، فلم یتمیز وقت المعاش عن وقت
الاستراحة، و لم تعرف المواقیت من الشهور و الأعوام و الساعات و الأیام. و
تأمل فی أنه لو لم تکن السماوات مستدیرة و حرکاتها دوریة، لم یتم شیء من
الفوائد و الحکم المطلوبة من الحرکة و الزمان و ما ارتبط بها من أمور
العالم السفلی.
ثم انظر إلی عظم أقدار هذه الأجرام السماویة،
حتی لا قدر لجمیع العوالم السفلیة من الأرض و البحار و عالم الجو
بالنسبة إلیها، فلا یمکن أن یقال جمیع ذلک بالنسبة إلیها، بل بالنسبة إلی
فکل الشمس فقط- مثلا- کنسبة قطرة إلی البحر المحیط، و قد قال المهندسون: إن
جرم کوکب الشمس فقط مائة و نیف و ستون ضعف الأرض بجمیعها، بل قال بعضهم
أکثر من ذلک، و مع ذلک بینوا أن ثخن فلک المریخ ثلاثة أمثال غلظ فلک الشمس،
مع