و
یجتنب عنها، مثلا السخاء عبارة عن ملکة سهولة بذل المال علی المستحق مع
کون الغایة الباعثة له علیه مجرد کونه فضیلة و کمالا، دون الأغراض الأخر،
فبذل المال لتحصیل الأزید، أو لدفع الضرر، أو نیل الجاه، أو للوصول إلی
شیء من اللذات الحیوانیة لیس سخاء. و کذا بذله لغیر المستحق و الإسراف فی
إنفاقه. فإن المبذر جاهل بعظم قدر المال. و الاحتیاج إلیه فی مواقع لولاه
لأدی إلی تضییع الأهل و العیال و العجز عن کسب المعارف و فضائل الأعمال، و
له دخل عظیم فی تزویج احکام الملة و نشر الفضیلة و الحکمة، و لذا ورد فی
الصحیفة السلیمانیة (أن الحکمة مع الثروة یقظان، و مع الفقر نائم) [1]. و
ربما کان منشأ التبذیر عدم العلم بصعوبة تحصیل الحلال منه، و هذا یکون فی
الأغلب لمن یظفر بمال بغتة من میراث أو غیره مما لا یحتاج إلی کد و عمل،
فإن مثله غافل عن صعوبة کسب الحلال منه، إذ المکاسب الطیبة قلیلة جدا، و
ارتکابها للأحرار مشکل، و لذا تری أفاضل الأحرار ناقصی الحظوظ منه شاکین عن
بختهم، و أضدادهم علی خلاف ذلک، لعدم مبالاتهم من تحصیله بأی نحو کان. و
قد قال بعض الحکماء: «إن تحصیل المال بمنزلة نقل الحجر إلی قلة الجبل و
إنفاقه کإطلاقه».
فصل العدالة أشرف الفضائل
اشارة
العدالة أشرف الفضائل و أفضلها، إذ قد عرفت أنها کل الفضائل
(1) کذا فی النسخ و لم نعثر علی مصدر لهذه الکلمة لتصحیحها.